في التوضيح في كتاب الشفعة في شرح قول ابن الحاجب: وفي الثمار والكتابة وإجارة الأرض للزرع قولان قوله: وإجارة الأرض للزرع لا يريد خصوصية هذه المسألة بل كل كراء، والقولان لمالك ومذهب ابن القاسم في المدونة سقوطها وهو قول عبد الملك والمغيرة، وبوجوبها قال مطرف وأشهب وأصبغ، واختلف أيضا في المساقاة كالكراء والأقرب سقوطها في هذه الفروع لان الضرر فيها لا يساوي الضرر في العقار الذي وردت الشفعة فيه انتهى. وأصله لابن عبد السلام ونصه: وليس في قول المؤلف: إجارة للزرع دليل على خصوصية هذه الصورة بالخلاف في ثبوت الشفعة فيها، بل ذلك عام في كراء العقار، لكن مذهب ابن القاسم سقوط الشفعة في الكراء وهو قول المغيرة وعبد الملك. وقال أشهب ومطرف وأصبغ: فيه الشفعة وهو قول ابن القاسم أيضا، والقولان مرويان عن مالك. واختلف أيضا في المساقاة كما اختلف في الكراء، والأقرب في هذه المسائل على أصل المذهب سقوط الشفعة فإن الضرر اللاحق بسبب المشاركة فيها قاصر عن الضرر اللاحق في المسائل المتفق على ثبوت الشفعة فيها انتهى.
تنبيهات: الأول: اعترض الشارح على المصنف في اقتصاره على القول بعدم الشفعة وعدم تعرضه للقول بوجوبها قال في الوسط بعد نقله القولين عن الموازية فانظر كيف اقتصر الشيخ على عدم الشفعة ولم يحك القول الآخر وهو أولى بالذكر هنا لأنه أحد قولي مالك ورواية ابن القاسم عنه، وبه أخذ هو وأشهب ومطرف وأصبغ وابن المواز وابن حبيب، أو كان يذكر القولين معا انتهى. ونحوه في الكبير وقال بدل قوله وهو أولى بالذكر هنا فكان هذا القول أولى بالاقتصار عليه أو يذكر القولين معا، وعلى هذا فلو قال: وفي الكراء وناظر الميراث قولان لكان أحسن والله أعلم. وعلى التسوية بين القولين من غير ترجيح مشى في شامله فقال: وفي الكراء روايتان. وتبع البساطي الشارح في الاعتراض على المؤلف فقال: وكان الأحسن أن يذكر المصنف في الكراء القولين كما في ناظر الميراث لأنهما لمالك. ورجح جماعة الثاني ولم يتعرض ابن غازي لما ذكره الشارح من الاعتراض على المصنف بنفي ولا إثبات، وتعرض له الشريف الفاسي ونظر في اعتراضه، وأجاب عن الشيخ في اقتصاره على القول بعدم الشفعة بما قدمناه ونص إثر قول ابن الحاجب المتقدم قوله: وإجارة الأرض للزرع لا يريد خصوصية هذه المسألة بل كل كراء كذلك، والقولان لمالك ومذهب ابن القاسم في المدونة في كراء الدور وسقوطها، وعليه اقتصر الشيخ خليل واعترضه شارحه الشيخ تاج الدين بأن القولين لمالك ورواية ابن القاسم، وبثبوت الشفعة أخذ هو وأشهب ومطرف وأصبغ وابن المواز وابن حبيب، فكان ذكره لهذا القول أولى أو كان يذكرهما، ولهذا حكى في شامله القولين من غير ترجيح وفيه نظر لقوله في التوضيح مذهب المدونة السقوط، ولعله لما لم ير المسألتين في كتاب الشفعة من المدونة لم يعتبر كلامه والله أعلم انتهى. فظهر من هذه النصوص صحة ما قاله المصنف وسقط عنه اعتراض الشارح والبساطي والله أعلم