أن ذلك يمنع الرجوع. قال غير واحد من الموثقين: وهذا هو الصواب لأنه ليس في إضافة ذلك إلى البائع إقرار من المبتاع بتمليك البائع له وإنما معنى قوله: ابتاع منه جميع داره أي جميع الدار التي ذكر البائع أنها له. وأيضا فلو أن المبتاع صرح بتمليك البائع للمبيع ثم استحق ذلك من يده فإن في رجوعه على البائع روايتين: إحداهما أنه يرجع على البائع ولا يضره إقراره، والأخرى أنه لا يرجع عليه بشئ رواها أصبغ وعيسى عن ابن القاسم. قال ابن العطار:
وبالرواية الأولى القضاء. هذا في صريح الاقرار فكيف بلفظ لا يحتمل إلا على بعد. والذي وقع لابن القاسم في العتبية من سماع عيسى وحكاها أيضا فضل ابن مسلمة عن ابن القاسم أنه إذا أقر المبتاع أن جميع المبيع للبائع منه ثم استحق من يده أنه لا يرجع على البائع بشئ.
وقال أشهب وعبد الملك وابن وهب وسحنون وغيرهم: لا يمنع ذلك من الرجوع عليه، وهذا اختيار الشيوخ بالأندلس وهو دليل ما في كتاب الاستحقاق من المدونة فيمن له على رجل ألف درهم فحط عنه خمسمائة على أن يأخذ منه عبده ميمونا بخمسمائة ثم استحق العبد أنه يرجع بالألف. فقوله: على أن أخذ منه عبده ميمونا كقول الموثق: ابتاع منه داره. وقال عباس في وثائقه: سألت عن ذلك محمد بن إدريس الفقيه، فذكر أن ابن القاسم لا يبطل رجوع المبتاع بذلك على البائع إلا أن يقر أنها من خطة آبائه وأجداده فيبطل دركه حينئذ عنده، وكذلك في العبيد والدواب لا يبطل دركه إلا أن يقر أن ذلك من تلادة البائع فيبطل دركه. انتهى ونحوه في الوثائق المجموعة. وقوله: من خطة آبائه أي من بناء آبائه، وقوله: من تلادة أي ولد عنده والله أعلم. وفي حاشية المشذالي في آخر كتاب الاستحقاق بعد أن ذكر قول ابن العطار:
وبالرواية الأولى القضاء ابن عبد السلام: والأصح من القولين عدم الرجوع انتهى. وفي أبي الحسن الصغير إثر الكلام المتقدم وذكر الباجي أنه اختلف أيضا إذا كان في عقد الشراء داره أو الدار التي له قال: ينبغي أن يتحرز الموثق من الخلاف فيسقطه ويكتب دارا أو الدار التي ذكر أنها له. وذكر ابن العطار في وثائقه القولين قال: والقضاء بأنه يرجع. قال ابن الهندي: إذا قال في آخر الوثيقة على سنة المسلمين ومرجع دركهم فإنه يسقط الخلاف ويكون له الرجوع قولا واحدا انتهى. والظاهر أن قوله: وذكر ابن العطار الخ راجع إلى كلامه الأول في المسألة الأولى. وذكر ابن رشد القولين في سماع عيسى من كتاب الاستحقاق فقف عليه إن أحببته فقد ظهر معنى قول المصنف: لا إن قال داره أي لا إن قال الموثق في الوثيقة داره أو الدار التي له، وقد علمت أن هذا هو الصحيح. وأما المسألة الأولى فلو أشار المؤلف فيها إلى القول الثاني ولو بصحح أو عمل به لكان حسنا والله أعلم. ص: (أو قيمته) ش: والقيمة يوم البيع.