فليس لربها إلا كراء الزائد فقط ولا تخيير له، وإنما يخير مع عدم السلامة. وظاهره أن ذلك يتعين. سواء كانت الزيادة كثيرة أو قليلة، ولا يخير وهذا مخالف لما قدمه في فصل العارية وفي فصل كراء الدواب وفصل الوديعة، وخلاف لما في المدونة ولما قاله ابن الحاجب وقبله في التوضيح. قال في المدونة: وأما المكتري أو المستعير يتعدى المسافة تعديا يحبسها أياما كثيرة ولم يركبها ثم يردها بحالها، فربها مخير في أخذ قيمتها يوم التعدي أو يأخذها مع كراء حبسه إياها بعد المسافة انتهى. وقال ابن الحاجب: ولو رجع بالدابة من سفر بعيد على حالها لم يلزمه سواها عند ابن القاسم، بخلاف تعدي المكتري والمستعير وفي الجميع قولان. قال ابن عبد السلام: بخلاف المكتري والمستعير يزيدان في المسافة زيادة بعيدة ثم يردان الدابة على حالها، فلرب الدابة أخذها وله تركها وأخذ القيمة. وقال في التوضيح: بخلاف تعدي المكتري والمستعير إذا زاد في المسافة زيادة بعيدة فإن ربها بالخيار، فإن أحب أخذها وكراءها من موضع التعدي إلى غايته، وإن أراد أخذ قيمة دابته من المكان الذي تعدى عليه وله الكراء الأول في الكراء. ثم قال: وفهم من قوله يعني ابن الحاجب سفر بعيد أنه لو تعدى المستعير والمكتري موضعا قريبا أو زمنا قريبا أنه لا يكون له تضمين الدابة. وفي الباجي: إذا أمسكها أياما يسيرة زائدة على أيام الكراء لا ضمان عليه، وإنما له الكراء في أيام التعدي مع الكراء الأول. قاله مالك وأصحابه انتهى. وما ذكره عن الباجي نحوه في المدونة كما سيأتي إن شاء الله. فلو زاد المؤلف مع قوله إن سلمت لفظ وقربت يعني مسافة التعدي لكان أحسن، لان قوله: إن سلمت لا يوافق المنصوص إذ لا فرق بين سلامتها وعدم سلامتها إلا مع قرب المسافة. قال في المدونة بعد الكلام المتقدم بأسطر: قال ابن القاسم: وإذا زاد المكتري للدابة أو المستعير في المسافة ميلا أو أكثر فعطبت ضمن وخير ربها، فإما ضمنه قيمتها يوم التعدي ولا كراء له في الزيادة، وإما ضمنه كراء الزيادة فقط ولا شئ له من قيمتها وعلى المكتري الكراء الأول بكل حال، ولو ردها بحالها والزيادة يسيرة مثل البريد أو اليوم وشبهه لم تلزم قيمتها ولا يضمن إلا كراء الزيادة فقط. انتهى والله أعلم. ص: (خير فيه) ش: يعني أنه يخير المغصوب منه في الشئ المغصوب، يريد وفي قيمته في ثلاث مسائل: الأولى إذا تعيبت بسماوي. الثانية إذا تعيبت بجناية. الثالثة إذا تعيبت بجناية الغاصب. أما الأول فليس له إلا أخذه بغير أرش أو أخذ القيمة. قال في المدونة: وما أصاب السلعة بيد الغاصب من عيب قل أو كثر بأمر من الله، فربها مخير في أخذها معيبة أو تضمينه قيمتها يوم الغصب، وإن كانت جارية فأصابها عنده عور أو عمى أو ذهاب يد بأمر من الله فليس لربها أن يأخذها، وما نقصها عند الغاصب إنما له أخذها
(٣٢٧)