بعض الظلمة ببعض البلاد ولقاء الأعراب القوافل، والأصل في هذه النصوص الرأفة على حفظ المال والنهي عن إضاعته. قال اللخمي في البخاري ومسلم: قال النبي (ص) نهى عن إضاعة المال انتهى. ص: (وإلا كقمح بمثله ودراهم بدنانير) ش: قوله كقمح بمثله شامل لحفظ كل جنس بجنسه المماثل له حتى الدراهم والدنانير بمثلها، وهي الصورة الأولى من الصورتين المستثناتين من الضمان بخلط الوديعة، والثانية هي التي أشار إليها الشيخ بقوله: ودراهم بدنانير وهي إذا خلط الجنس بغير جنسه ولكن يمكن ميزه بسهولة. قال في الجواهر الثالث:
من أسباب التقصير في الوديعة خلط الوديعة بما لا يتميز عنه مما هو غير مماثل له كخلط القمح بالشعير وشبهه. فأما خلطها بجنسها المماثل لها جودة ورداءة كحنطة بمثلها أو ذهب بمثله أو بما يتميز عنه ولا يختلط به كذهب بورق فلا يضمن انتهى. وفي المدونة: من أودعته دنانير أو دراهم فخلطها بمثلها ثم ضاع المال لم يضمن. وإن ضاع بعضه كان ما ضاع وما بقي بينكما لان دراهمك لا تعرف من دراهمه، ولو عرفت بعينها كانت مصيبة دراهم كل واحد منه ولا يغيرها الخلط، وإن أودعته حنطة فخلطها بحنطة، فإن كانت مثلها وفعل ذلك بها على الاحراز والدفع فهلك الجميع لم يضمن، وإن كانت مختلفة ضمن، وكذلك إن خلط حنطتك بشعير ثم ضاع الجميع فهو ضامن لأنه قد أفاتها بالخلط قبل هلاكها انتهى. ص: (للاحراز) ش: قال ابن غازي: إنما ذكر هذا القيد في المدونة في الصورة الأولى، وأما الثانية فلم يذكره فيها أصلا انتهى. قال بعض الناس: وهو خاص أيضا ببعض أفراد الصورة الأولى وهو الحنطة ومشابهاتها، وأما الدنانير والدراهم فلا يشترط فيهما الاحراز وهذا ليس بصحيح، فقد قال أبو الحسن الصغير في قوله في المدونة المتقدم: ومن أودعته دراهم أو دنانير فخلطها يعني على وجه الاحراز والدفع لا على وجه التمليك. قاله أبو عمران في الطعام بعده انتهى. ويعني والله أعلم بقوله قاله أبو عمران في الطعام بعده أن أبا عمران لما تكلم على قوله في المدونة في الطعام وفعل ذلك بها على وجه الاحراز قال: وكذلك الدنانير والدراهم، فإن القاضي كذلك فعل في التنبيهات ونصه: قوله في خلط الحنطة إذا خلطها على وجه الدفع للاحراز فلا ضمان عليه.
تنبيه: إن خلطه بما يخلط إنما يضمنه إذا كان لهذا وشبهه من النظر، لان جمعها أحرز