قال في الشامل: ولزم غيره له طلاق مرغوبته ثم قال: كإذعان مخطوبته انتهى. وعد فيه أيضا من المحرمات على غيره خطبة خلية رغب فيها. قال النووي: فإن كانت خلية لزمتها الإجابة على الأصح وحرم على غيره خطبتها انتهى.
فرع: قال القرطبي: أبيح له عليه الصلاة والسلام أخذ الطعام والشراب من الجائع والعطشان وإن كان من هو معه يخاف على نفسه التلف لقوله تعالى: * (والنبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) * وعلى كل أحد أن يقي النبي (ص) بنفسه انتهى. وقال تعالى: * (ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه) * ص: (وإجابة المصلي) ش: فأحرى غيره لحديث الموطأ أو مسلم لما دعا أبيا في الصلاة ولم يجبه فقال له عليه السلام: ألم يقل الله: * (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) * ومثله في البخاري عن أبي سعيد رافع بن المعلى. قال ابن العربي في أحكامه: قال الشافعي: في حديث أبي دليل على أن الفعل الفرض أو القول الفرض إذا أتى به في الصلاة لا يبطلها لامره عليه الصلاة والسلام بالإجابة. وإن كان في صلاة. وبينا في غير موضع أن هذه الآية دليل على وجوب إجابته عليه السلام وتقديمها على الصلاة. وهل تبقى الصلاة معها أو تبطل؟ مسألة أخرى انتهى. وذكر القرطبي كلام الشافعي وأقره ولم يذكر كلام ابن العربي بل قال: قلت: وفيه حجة لقول الأوزاعي أن المصلي لو أبصر غلاما يريد أن يسقط في بئر فصاح به وانتهره وانصرف إليه لم يكن بذلك بأس انتهى. وقال الشارح بهرام والأقفهسي: يجب على المصلي إذا دعاه أن يجيبه ولا تبطل صلاته وأما ابتداء فذكر النووي أن من خصائصه (ص) أن المصلي يخاطبه بقول السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ولا يخاطب سائر الناس انتهى. وقال ابن عبد السلام في السهو في مسألة الكلام لإصلاح الصلاة لما ذكر حديث ذي اليدين وسؤال النبي (ص) للصحابة وإجابتهم له ما نصه: وأيضا لو نطقوا بنعم لما روى لما ضرهم لمخالفتهم إيانا في الكلام إذ مجاوبته (ص) واجبة ولا تمنع منها الصلاة كما في حديث أبي سعيد بن المعلى انتهى. وقال الآبي في شرح مسلم ناقلا عن المازري: وأجيب بأنهم تكلموا لتعين إجابته لوجوب طاعته وذلك خارج عن الكلام. ثم قال: قلت: ويدل على أن إجابته لا تبطل الصلاة حديث أبي، وقوله في الصلاة والسلام عليك أيها النبي، ولو خاطب غيره بذلك لفسدت كما تقدم لابن شعبان.
انتهى والله أعلم. وقال الدماميني في حاشية البخاري في كتاب الفضائل: في حديث أبي سعيد بن المعلى دليل على أنه لم يقبل اعتذاره بأنه كان في الصلاة. وقد قال بعض الحذاق بأن هذا من خواصه أن يجيبه في الصلاة ولا تبطل صلاته بذلك وهو قول ابن كنانة، هكذا قال السفاقسي انتهى.