المنفق ولو مضى زمنها، أو ينفق على القريب شخص غير متبرع. وما ذكره المصنف هو نحو قول ابن الحاجب: وتسقط عن الموسر بمضي الزمان بخلاف الزوجة إلا أن يفرضها الحاكم أو ينفق غير متبرع. قال ابن عرفة: وكلامه يقتضي أن نفقة الأجنبي غير متبرع كحكم القاضي بالنفقة وليس كذلك، إنما يقضي للمنفق غير متبرع إذا كان ذلك بعد الحكم بها. قال: إلا أن يفرضها فيقضي بها لهما أو لمن أنفق عليهما غير متبرع لكان أصوب. الشيخ عن الموازية: إذا رفع الأبوان إلى السلطان في مغيب الابن ولا مال له حاضر لم يأمرهما أن يتسلفا عليه بخلاف الزوجة إذ لا تجب نفقتهما إلا بالحكم انتهى. وكلام ابن عبد السلام قريب مما قاله ابن عرفة ونصه إثر قول ابن الحاجب: إلا أن يفرضها الحاكم أو ينفق غير متبرع يعني إلا أن تكون النفقة وجبت بعد توجه موجبها عند الحاكم وفرضها لمن وجبت له وتعذر أخذها ممن وجبت عليه لغيبة وشبهها أو لم تتعذر فأنفق على الأب أو على الولد من لم يقصد إلى التبرع بل قصد الرجوع فله الرجوع.
ونبه بقوله: وفرضها القاضي على الجمع بين مسألتي المدونة، وذلك أنه قال في كتاب الزكاة الأول في الأبوين والولد إذا أنفقوا ثم طلبوا لم يلزمه ما أنفقوا وإن كان موسرا. وقال في النكاح الثاني: وإذا أنفقت يعني الزوجة على نفسها وعلى صغار ولده وأبكار بناته من مالها أو سلفا والزوج غائب، فلها اتباعه إن كان في وقت نفقتها موسرا. فجمعوا بينهما على أن ما في الزكاة قبل فرض القاضي وما في النكاح بعد فرضه انتهى. ونقل ابن عرفة كلامه هذا برمته وقال بعده: قلت: في زكاتها مثل ما في نكاحها وهو قوله: ويعدى الولد والزوجة بما تسلفاه في يسره من النفقة انتهى. فأول كلام ابن عبد السلام إلى قوله: فله الرجوع ظاهره يقتضي ما قاله ابن عرفة إن إنفاق غير المتبرع على الأب والولد كان بعد وجوب النفقة، وذلك بعد توجه موجبها عند الحاكم وفرضها لمن وجبت له. وهذا الذي ذكره ابن عرفة بالنسبة إلى نفقة الوالدين ظاهر كما تقدم في كلام ابن رشد في مبيع عقار الغائب للنفقة على أبويه في شرح قول المصنف: وفرض في مال الغائب، وأما نفقة الولد فليس ذلك بظاهر بل قد نقل هو في كلامه المتقدم عن المدونة في الزكاة والنكاح أنه يعدى الولد والزوجة بما تسلفا في يسره من النفقة، وتقدم عنه أيضا عند قول المصنف: وعلى الصغيران كان له مال أنه نقل عن ابن رشد أن المنفق على الصغير لا يرجع إلا إذا كان للصغير مال أو لأبيه وإن رأى الولد كماله، وأن رجوعه إنما هو إذا أنفق وهو يعلم مال اليتيم أو يسر الأب. وما ذكره عن زكاة المدونة هو قول أشهب في الزكاة الأول وفي آخر باب المديان بعد كلام ابن القاسم الذي نقله ابن عبد السلام عن نكاحها الثاني هو في أواخره في باب زكاة ما يباع على الرجل فيما يلزمه من نفقة امرأته، وهو نص ما ذكره ابن عبد السلام عنها هو نص كلام ابن القاسم برمته. وأما ما ذكره ابن عرفة فهو بعض كلام أشهب، ولتركه كلام الكتابين المتقدمين من الام بلفظها تتميما