الثيب مضى. والبكر إذا لم يكن لها ولي تزوج ومثله لا يخفى. وأما شهادة هؤلاء في الرباع فلا أتقلد فيها شيئا، وقد سئلت عنها غير مرة فلم أجب بشئ والضرورة لها حكم وقول غير العدول كلا شئ. وسئل السيوري عن المرأة تأتي وتذكر أن لها زوجا أو لابنتها وقد غاب ولم يخلف شيئا، ولم يكن له شئ يعدون فيه بالنفقة ولا يعرف ذلك إلا من قولها، وتكلف بالبينة فتعجز عن إثباته، وربما ذكرت غريبا أي أن الزوج غريب وربما أتت ببينة غير ثقات من سوقه أو غيره ولا تقدر على أكثر من ذلك، فإن أفتيت بأعمال هؤلاء فهل أسميهم بأسمائهم أو أقول ثبت عندي ما أوجب الفراق أو قبول قولها، وربما لم يوجد على توكيل الام بينة إلا بقولها؟
فأجاب: إن كان الزوج معروفا ولم تعرف غيبته كلف القاضي رجلين يكشفان عنه وسئل جيرانه ومن يخالطه أو أقاربه عن الموضع الذي غاب إليه، فإن لم يكن أو لم يعلم حيث توجه حلفت الزوجة أنه لم يخلف شيئا، وإن أقرت بشئ حلفت أنه لم يخلف سوى ما اعترفت به ولم يصل إليها شئ من قبله وطلق عليه، ولو كان غير معروف سئلت المرأة عن صنعته ومن يعرفه فيسألون نحو الأول، وإن لم يكن له صنعة ولا من يخالطه كشف العدلان عن ذلك الاسم وعن تلك الصفة هل هي بالبلد، فإن لم توجد طلق عليه بعد يمين المرأة كما مر، ويذكر القاضي فيما يشهد به إنه رفعت إليه تلك المرأة ويذكر أمرها وذكرت أن لها زوجا اسمه وصفته كذا، وذكرت أنه غائب عن البلد وأنه خلفها على عدم النفقة وطلق عليه. فإن أتى الرجل واعترف بالزوجية وقع الطلاق موقعه، وإن أنكر لم يضر ذلك. وسئل المازري عن امرأة طارئة من المغرب تذكر أن زوجها تخلف في الطريق قبل وصوله إلى بجاية، وأرادت أن تطلق عليه وتأتي بشهود صحبتها لا يعرفون. فأجاب: لا يصح الحكم على زوج هذه المرأة بالفراق الآن لاعترافها بالزوجية وبقاء العصمة وادعت غيبته فصارت مقرة بالعصمة مدعية ما يوجب زوالها، وعلى الطريقة الأخرى لا تؤخذ بأكثر مما أقرت وقد زعمت وجها يوجب الفراق فورا لأنها ذكرت أنه فارقها قبل وصوله بجاية، ومن الممكن أن يكون زوجها أخذ طريقا آخر قادما لهذا البلد طالبا لزوجته وقد عاقه عائق عن الوصول، فالواجب تسميته والبحث عن اسمه الذي تذكر في المواضع القريبة حتى يعلم أنه ليس بالقرب ليعذر إليه وأنه لا شئ له ينفق عليها منه، فينظر حينئذ بالفراق منه بالواجب والشهود غير المقبولين لا يعول عليهم والقول على إقرارها وفيه ما ذكرنا عن المذهبين.
قلت: الأصل الذي أشار إليه هو تبعيض الدعوى وإجمالها. فابن القاسم يبعض الدعوى فيصيره مقرا مدعيا، وأشهب لا يؤاخذه ولا بجملة كلامه. وسئل ابن حبيب عن المرأة تقدم المدينة مع الحاج وتقول: خفت العنت وأردت التزويج ولا يعلم هل لها زوج أم لا إلا من قولها وهي من ذوات القدر والأولياء، هل يزوجها السلطان أم لا؟ فأجاب: تزوج ولا تطلب بينة بأنها لا زوج لها إذا كانت غريبة بعيدة الوطن، وأحب السؤال لأهل معرفتها وبلدها ممن معها