يعني أن المرأة إذا مكنت من نفسها فإنه يجب لها النفقة. وظاهر كلامه أن مجرد تمكينها من نفسها يوجب النفقة على الزوج وذلك يصدق بما إذا لم تمتنع من الدخول ولم تطلب به الزوج وهو قول عبد الملك. وظاهر المدونة أن النفقة إنما تجب على الزوج إذا دعا إلى الدخول وهو المشهور من المذهب. قال في كتاب النكاح الثاني من المدونة: ولا يلزم من لم يدخل نفقة حتى يبتغى ذلك منه ويدعى للبناء فحينئذ تلزمه النفقة والصداق انتهى. قال أبو الحسن الصغير: قوله:
يبتغى منه أي يدعى إلى البناء، وظاهره أن النفقة لا تلزم حتى يدعى إليها. وقال ابن عبد الحكم: لها النفقة بالتمكين وإن لم تدعه إلى البناء. الشيخ: وهو ظاهر ما في كتاب الزكاة الثاني في قوله: وإن لم يكن ممنوعا وكانت هذه الخادم لا بد للمرأة منها فكذلك يعني زكاة الفطر عليه عنهما، لكن قال ابن محرز: معنى مسألة الزكاة ودعواه إلى البناء انتهى. وفي الرسالة:
ولا نفقة للزوجة حتى يدخل بها أو يدعى إلى الدخول وهي ممن يوطأ مثلها. وقال ابن الحاجب:
تجب بالدخول أو بأن يبتغى منه الدخول والله أعلم. وقيل: تجب بالعقد إن كانت يتيمة.
تنبيهات: الأول: قال اللخمي في باب الحكم في قبض الصداق من كتاب النكاح الثاني: معنى مسألة المدونة إذا مضى بعد العقد القدر الذي العادة أن يتربص إليه بالدخول وما يتشور فيه انتهى. ونقله أبو الحسن الصغير. وقال في النوادر: إذا طلبت المرأة النفقة ولم يبن بها، فإن فرغوا من جهازها حتى لم يبق ما يحبسها قيل له ادخل أو أنفق، ولو قال الزوج: انظروني حتى أفرغ وأجهز بعض ما أريد فذلك له ويؤخر الأيام بقدر ما يرى وهو قول مالك انتهى.
الثاني: إذا ادعى الزوج إلى الدخول فامتنع، فهل تلزمه النفقة بنفس الامتناع وهو قول مالك، أو بعد وقف السلطان له وفرضه للنفقة وهو قول أشهب؟ قال اللخمي: والأول أحسن إن علم أنه امتنع لددا وأنه لا عذر له، وإن أشكل أمره فحتى يوقفه السلطان انتهى. ونقل القولين ابن راشد في اللباب ولم يذكر اختيار اللخمي، وعزا القاضي عياض قول أشهب لابن شهاب. فعلى قول مالك تلزمه النفقة بنفس الدعاء إذا شهدت بذلك بينة. قال الجزولي في شرح الرسالة: ظاهر الرسالة أنه إذا دعا إلى الدخول وأشهد عليه تلزمه النفقة وإن لم ترفعه إلى السلطان. وقال أشهب: حتى ترفع إلى السلطان ويحكم انتهى. ونحوه للشيخ يوسف بن عمر وهو ظاهر وبه أفتى الوالد في هذه المسألة فقال: إذا ثبت أن الزوج دعا وجبت النفقة والظاهر أيضا أن الكسوة كذلك تلزمه إذا طال الامر ولم يدخل والله أعلم.
الثالث: قال ابن عرفة: عياض: ظاهر مسائلها يدل على أن لأبي البكر دعاء الزوج للبناء الموجب للنفقة وإن لم تطلبه بنته وهو المذهب عند بعض شيوخنا، وقاله أبو مطرف. الشعبي:
بجبره إياها على العقد وبيع ما لها وتسليمه. وقال المأموني: ليس له ذلك إلا بدعائها أو توكيلها إياه ومثله لابن عات.