والمذهب جواز التعريض في كل معتدة سواء كانت في عدة وفاة أو طلاق. وأجازه الشافعي في عدة الوفاة ومنع منه في عدة المطلقة طلاقا رجعيا واختلف قوله في عدة الطلاق الثلاث وعدة المختلعة انتهى وقبله في التوضيح. قلت: وما ذكر ابن عبد السلام مخالف لما ذكره القرطبي في تفسيره ونصه: لا يجوز التعريض بخطبة الرجعية إجماعا لأنها كالزوجة، وأما من كانت في عدة البينونة فالصحيح جواز التعريض بخطبتها والله أعلم انتهى.
تنبيه: قال ابن عرفة الباجي: عن إسماعيل: إنما يعرض بالخطبة ليفهم مراده لا ليجاب وفي المقدمات: يجوز التعريض من كل منهما للآخر معا. وقال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب: قال القاضي أبو إسحاق: إنما يعرض المعرض ليفهم مراده لا ليجاب، ولو جاوبته بتعريض يفهم منه الإجابة كره ذلك ودخل في باب المواعدة انتهى. وقال القرطبي: قال ابن عطية: اجتمعت الأمة على أن الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزويجها وتنبيه عليه لا يجوز، وكذلك اجتمعت الأمة على أن الكلام معها بما هو رفث أو ذكر جماع أو تحريض عليه لا يجوز، وجوزنا ما عدا ذلك.
وجائز أن يمدح نفسه ويذكر مآثره، ومن أعظم التعريض قوله (ص) لفاطمة بنت قيس: كوني عند أم شريك ولا تسبقيني بنفسك انتهى. وما ذكره ابن عرفة عن المقدمات من جواز التعريض لكل منهما يشير به - والله أعلم - لقوله فيها: الذي يجوز هو التعريض بالعدة أو المواعدة وهو القول المعروف الذي ذكره الله في كتابه وصفته أن يقول لها وتقول له، أو يقول كل واحد لصاحبه: إن يقدر الله أمرا يكون وإني لأرجو أن أتزوجك وإني فيك لمحب أو ما أشبه ذلك. وإلى هذا أشار المصنف بقوله كفيك راغب. قال في التوضيح: وهكذا قوله: إن النساء من شأني وإنك علي لكريمة وإذا حللت فآذنيني وإن يقدر الله خيرا يكن انتهى. ص: (والاهداء) ش: قال في طلاق السنة من المدونة: وجائز أن يهدي لها. قال أبو الحسن الصغير: والهدية هنا بخلاف وإجراء النفقة عليها لأن النفقة عليها كالمواعدة انتهى. قال اللخمي: والمفهوم من الهدية التعريض. وقال الشيخ أبو الحسن إثر كلامه المتقدم: فإن أنفق أو أهدى ثم تزوجت غيره لم يرجع عليها بشئ.
تنبيه: عزا ابن عرفة هذه المسألة لابن حبيب واللخمي مع أنها في المدونة كما تقدم، وعزاها الشارح لابن حبيب ونحوه في التوضيح قال فيه: قال مالك: ولا أحب أن يفتي به إلا من تحجزه التقوى عما وراءه اه.
فرع: قال البرزلي عن أحكام الشعبي: من تزوج امرأة فأخرج دينارا فقال: اشتروا به طعاما واصنعوه. فوقع الشراء وانفسخ النكاح بعد الشراء فإن جاء من قبلهم ضمنوا له الدينار والطعام لهم، وإن كان من قبل الزوج فليس له إلا الطعام إن أدركه. قلت: فهو كأعوان