عيسى من هذا الكتاب لأنه إن لم يجزه بالذي لا يقدر على إزالته، فأحرى أن لا يجيزه إلا بما يقدر على إزالته، واختلف على القول بأن الخلع بالغرر لا يجوز إذا لزم الزوج الطلاق وأبطل ما خالع عليه، هل يرجع على المرأة بشئ أم لا؟ فقوله في المدونة وهنا أنه لا رجوع عليها بشئ.
والثاني أنه يرجع عليها إذا بطل الجميع بخلع المثل، وإذا أبطل البعض بمقدار ذلك الجزء مع خلع المثل. وأما المخالعة على رضاع الولد خاصة فلا خلاف في جواز ذلك وإن كان فيه غرر إذ قد يموت الولد قبل انقضاء أمد الرضاع لأن الرضاع قد يتوجه عليها في عدم الأب، فلما كان قد يتوجه عليها استخف الغرر فيه. ولا رجوع للأب عليها بشئ إذا مات الولد قبل انقضاء أمد الرضاع إذا كانا إنما عملا على إن بارأته من مؤنة رضاعه بإفصاح وبيان. واختلف إذا وقع الامر مبهما، فحمله مالك في المدونة على ما تأوله عليه ابن القاسم أنها إنما أبرأته من مؤنة رضاعه فلا رجوع عليها بشئ. قال: وما رأيت أحدا طلب ذلك. وفي المختصر الكبير: لو طلب ذلك لكان له فيه قول انتهى. وسيتكلم المصنف بعد هذا على خلع الزوج بشرط نفقة ولدها مدة رضاعه وعلى خلعه بشرط نفقته أزيد من مدة الرضاع، وأنه إن خالعها على أزيد من مدة الرضاع أنه يسقط الزائد على مدة الرضاع فاقتضى كلامه هناك أنه مشى على خلاف قول المخزومي ومن وافقه من أن الخلع بالغرر يجوز مطلقا، سواء قدر على إزالته أم لا، ونبه على ذلك ابن غازي هناك والله أعلم.
تنبيهان: الأول: قال المتيطي: من أراد العقد على إزالة الغرر وإجازته على مذهب مالك وابن القاسم فقد حكى بعض الشيوخ من القرويين وقاله غير واحد من الموثقين أنهما إذا شرطا ثبوت النفقة بعد الوفاة كثبوتها قبلها جاز وارتفع الغرر، وهو مثل ما لو باع على أن ينفق المشتري عليه مدة معلومة فهو جائز، وإذا جاز في البيع فهو في الخلع أجوز، وتقدم ذلك في كلام ابن رشد أيضا. ثم قال المتيطي أيضا: ومما يجمع به أيضا بين القولين أن ابن حبيب حكى في كتابه عن ابن القاسم فيمن أبان امرأته على أن تسلم ولدها منه إليه، فإن أرادت أخذه فلا يكون ذلك لها إلا بأن تلتزم نفقته وتسقط عن الأب مؤنته أن ذلك خلع تام لازم. وحكى مثله أيضا أبو عمران عن فضل بن مسلمة ويعقد فيه وذكر كيفية العقد.
الثاني: قال في المتيطية أيضا: إذا خالعها عن نفقته إلى الحلم على القول بجوازه فبلغ مجنونا أو زمنا عادت نفقته على الأب، ولو قال إلى حين سقوط النفقة عن الأب لزمت المرأة النفقة حينئذ انتهى. ص: (وبإسقاط حضانتها) ش: تصوره واضح. وإذا أسقطت هي حضانتها