متشردا عنهم، خائفا منهم، لا يردعه عن أمر الله رادع، ولا تهوله الأخواف، ولا يمنعه عن الجهاد عليهم كثرة الارجاف، شمري مشمر، مجتهد غير مقصر فمن كان كذلك من ذرية السبطين الحسن والحسين، فهو الإمام المفترضة طاعته، الواجبة على الأمة نصرته، ومن قصر عن ذلك ولم ينصب نفسه لله، ويشهر سيفه له، ويباين الظالمين ويباينوه، ويبين أمره، ويرفع رايته، ليكمل الحجة لربه على جميع بريته، بما يظهر لهم من حسن سيرته، وظاهر ما يبدو لهم من سريرته، فتجب طاعته على الأمة والمهاجرة إليه والمصابرة معه ولديه، فمن فعل ذلك من الأمة معه من بعد أن قد أبان لهم صاحبهم نفسه، وقصد ربه وشهر سيفه، وكشف بالمباينة للظالمين رأسه، فقد أدى إلى الله فرضه، ومن قصر في ذلك كانت الحجة عليه لله قائمة ساطعة منيرة بينه قاطعة ﴿ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حيي عن بينة أن الله لسميع عليم﴾ (30) مثل من قام من ذريتهما من الأئمة الطاهرين (*) الصابرين لله المحتسبين.
مثل زيد بن علي رضي الله عنه إمام المتقين، والقائم بحجة رب العالمين.
ومثل يحيى ابنه المحتذي بفعله، ومثل محمد بن عبد الله، وإبراهيم أخيه المجتهدين لله، المصممين في أمر الله، الذين لم تأخذهما في الله لومة لائم، الذين مضيا قدما قدما، صابرين محتسبين ، وقد مثل بابائهما وعمومتها أقبح المثل، وقتلوا أفحش القتل، فما ردعهما ذلك عن إقامة أمر خالقهما والاجتهاد في رضا ربهما فصلوات الله على أرواح تلك المشايخ وبركاته، فلقد صبروا الله واحتسبوا وما وهنوا ولا