واقع التقية عند المذاهب والفرق الإسلامية من غير الشيعة الإمامية - ثامر هاشم حبيب العميدي - الصفحة ١٠٥
الطبقات الكبرى أن قريشا قد تتبعت أثر النبي (ص)، وكان معهم سراقة بن مالك بن جشعم القرشي، وهو خير من يعرف تتبع الأثر، وأنه - بفضل ذلك - أدرك النبي وصاحبه أبا بكر، وكيف أن قوائم فرسه قد ساخت في الأرض، وأنه طلب من النبي (ص) أن يدعو الله أن يطلق فرسه، وأنه في مقابل ذلك يرجع عنه ويرد من وراءه، ففعل النبي (ص)، فأطلق فرسه ورجع من حيث أتى فوجد الناس يلتمسون رسول الله (ص)، فقال لهم:
ارجعوا فقد استبرأت لكم ما ها هنا وقد عرفتم بصري في الأثر، فرجعوا عنه (1).
9 - عبد الله بن مسعود (ت / 32 ه‍):
أخرج ابن حزم الظاهري (ت / 456 ه‍)، عن الحارث بن سويد قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: ما من ذي سلطان يريد أن يكلفني كلاما يدرأ عني سوطا أو سوطين إلا كنت متكلما به.
قال ابن حزم معقبا: ولا يعرف له من الصحابة رضي الله عنهم مخالف (2).
وهذا القول صريح باتفاق الصحابة على جواز التقية، ولو باحتمال الخوف من سوط واحد من سياط السلطان الجائر.
ولم يقتصر أمر التقية عند ابن مسعود على الكلام فقط، بل تعداه إلى أهم الأفعال العبادية، حيث كان يتقي من الوليد بن عقبة بن أبي معيط والي عثمان على المدينة، فيصلي خلفه على الرغم من أن الوليد هذا كان يأتي إلى مسجد

(1) حياة الصحابة / محمد يوسف الكاندهلوي 4: 327.
(2) المحلى / ابن حزم 8: 336 - مسألة: 1409.
(١٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 ... » »»