السنة في الشريعة الإسلامية - محمد تقي الحكيم - الصفحة ٤٥
العاطفية، وهو ما يتنزه عنه مقام النبوة لأمر يتصل بصميم التشريع من اثبات العصمة لهم، وما يلازم ذلك من لزوم الرجوع إليهم والتأثر والتأسي بهم في أخذ الأحكام، على أن الآية لا يتضح لها معنى غير ذلك كما أوضحناه في بداية الحديث.
الآية الثانية قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا (1). وقد قرب الفخر الرازي دلالتها على عصمة أولي الأمر في تفسيره لهذه الآية بقوله: ان الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم في هذه الآية، ومن أمر الله بطاعته على سبيل الجزم والقطع لابد وأن يكون معصوما عن الخطأ إذ لو لم يكن معصوما عن الخطأ كان بتقدير اقدامه على الخطأ، يكون قد أمر الله بمتابعته، فيكون ذلك أمرا بفعل ذلك الخطأ، والخطأ لكونه خطأ منهي عنه، فهذا يفضي إلى اجتماع الأمر والنهي في الفعل الواحد بالاعتبار الواحد، وانه محال، فثبت ان الله تعالى أمر بطاعة أولي الأمر على سبيل الجزم، وثبت ان كل من أمر الله بطاعته على سبيل الجزم وجب ان يكون معصوما عن الخطأ، فثبت قطعا أو أولي الأمر المذكور في هذه الآية لابد وأن يكون معصوما (2).
ولكن الفخر الرازي خالف الشيعة في دعواهم في إرادة خصوص أئمتهم من هذه الآية وقرب ان يكون المراد منها أهل الاجماع بالخصوص، واستدل على ذلك بقوله: ثم نقول: ذلك المعصوم.

(1) النساء / 59.
(2) التفسير الكبير، ج 10 ص 144. ويؤيد هذا التقريب مساواتهم لله والرسول في وجوب طاعتهم ما يدل على أن جعل الإطاعة لهم ليس من نوع جعلها للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بل هي من نوع إطاعة الله والرسول التي تجب على كل حال.
(٤٥)
مفاتيح البحث: النهي (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»