الجمع بين الصلاتين - عبد اللطيف البغدادي - الصفحة ١٨٥
يطرد في جميع مصاديقه، ولذا ترى الإمام مسلما لم يوردهما في باب الجمع في السفر، إذ لا يختصان به، وإنما أوردهما في باب الجمع في الحضر، ليكونا أدلة من جواز الجمع بقول مطلق. وهذا من فهمه وعلمه وإنصافه (1).
وصحاحه (في هذا الموضوع) التي سمعتها، والتي لم تسمعها، كلها على شرط البخاري، ورجال أسانيدهم كلهم قد أحتج البخاري بهم في (صحيحه)، فما المانع يا ترى من إيرادها بأجمعها في (صحيحه)؟ وما الذي دعاه إلى الاختصار على النزر اليسير منها؟ ولماذا لم يعقد في كتابه بابا للجمع في الحضر وبابا للجمع في السفر؟ مع توفر الصحاح (على شرطه) الواردة في الجمع، ومع أن أكثر الأئمة قائلون به في الجملة؟ ولماذا اختار من أحاديث الجمع ما هو أخسها دلالة عليه؟ ولم وضعه في باب يوهم صرفه عن معناه؟ فأني أربأ بالبخاري وأحاشيه أن يكون كالذين يحرفون الكلم عن مواضعه، أو كالذين يكتمون الحق وهم يعلمون... " (2).
7 - ما رواه أبو داود من الأحاديث (3):

(١) ولا سيما مع ملاحظة الأحاديث الواردة في جمع النبي بين الصلاتين في المدينة، وتعليلها بنفس هذه العلة وهي التوسعة على الأمة.
(٢) مسائل فقهية ص ٨.
(٣) أبو داود هو الإمام الفقيه سليمان بن الأشعث الأزدي السجستاني (ره)، ولد سنة ٢٠٢، قدم بغداد مرارا ومات في البصرة سنة ٢٧٥ ه‍. راجع ترجمته في كتاب (أضواء على السنة المحمدية) ص 263 وكتاب (الإمام الصادق والمذاهب الأربعة) ج 2 / 296.
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»