وجوده، وكان الكلام في غيبته مترتبا عليها ومتفرعا عنها.
وجملته أن (1) مع ثبوت عصمته لا بد له من وجه حكمة فيها، للقطع، اليقيني على حسن جميع أفعال المعصوم واختصاصها بالثواب الذي لا يقدر له سواه، ولو قدح في العصمة ما لا يظهر فيه وجه المصلحة، أو يظهر جملة لا تفصيلا، لقدح مثل ذلك في حكمة الله تعالى.
فكما أن كل ما لا يتبين فيه وجه المصلحة من الأمور التي يكثر عددها (2) يجب حمله على ما يناسب الحكمة ويطابقها، ولا يليق القدح بمثله فيها، لكونه فرعا محتملا يبنى على أصل غير محتمل، فكذلك يجب حمل الغيبة لاشتمالها على العصمة التي لا مدخل للاحتمال منها، ويكفي هذا في معرفة الحق واعتقاده.
والزيادة عليه: أن العلم بوجوب التحرز من الضرر - ولو كان مظنونا فكيف إذا كان معلوما - مركوز في غريزة عقل كل عاقل، فهو من العلوم الضرورية التي بها كمال العقل، وإمام الزمان - عليه السلام - لما لم يكن له بدل يقوم مقامه فيما وجوده لطف فيه تعين عليه من فرض الاحتزاز، دفعا للضرر عن النفس ما لا تعين على آبائه - عليهم السلام -.
ولا غاية في التحرز أبلغ من الغيبة، فيجب تجويزه - صلوات الله عليه - الخوف، أو قطعه عليه إن لم يتوقاه حصل احترازه وتوقيه منه، فكانت (3) غيبته إما حسنة، لحسن ما لا مدفع للضرر إلا به، أو واجبة لوجوبه.