كل واحد منهم عليه بإجماعه أو انفراده.
ولو كان مجرد إجماع أهل الخطأ علة في كونه حجة، لزم مثله في إجماع كل فرقة من فرق الكفار، بل لو قامت الحجة بإجماع أهل الزلل والعصيان قياما يفيد ارتفاع ذلك عنهم، وارتفعت بانفصالهم وانفرادهم ارتفاعا يقتضي عود ذلك إليهم، لزم مثله في الكفار، بل في السودان حتى يصح أن يقال:
إن كل واحد من الزنج أسود، فإذا أجمعوا على أمر ما، أو اجتمعوا له زالت السوادية عنهم واختصوا بالبياضية بدلا منها، فإذا انفصلوا وانفرد كل واحد منهم عن الآخر عادت إليهم، وبسقوط ذلك واستحالته يعلم قطعا أنه لا حجة في الإجماع إلا بتعيين من في قوله بانفراده الحجة، أو القياس والرأي، ولا يخفى سقوطهما، لأن المعول فيهما (1) على الظن الذي يخطئ ويصيب مع خلوهما عن طريق إلى العلم بثبوتهما، ودليل على جواز التعبد بهما والعمل بأحكام الشرع لا عن علم يقيني وطريق قطعي بصحته فاسد، فإذا بطل أن يكون الشئ مما ذكرناه حافظا لها، وكان حفظها واجبا، لوجوب إزاحة العلة في التعبد بها، ثبت أنه لا حافظ لها بعد مؤديها إلا الإمام القائم في ذلك مقامه.
وهذه الطريقة وإن كانت دالة على وجوب الإمامة مع بقاء الشريعة، فإنها دالة أيضا على عصمة الإمام، لأن خلوه من العصمة مناف لكونه حافظا لما ثبت أنه لا حافظ له سواه، فلا بد من اختصاصه بها، لاختصاصه بما لا يثبت إلا بثبوتها، ولا يتم إلا بوجوبها له، وكان المحوج إليه جواز الخطأ على غيره (2) فلولا