المقالة الثالثة اثنا عشر بابا الباب الأول منها في تركيب العين ان العينين سراجا البدن، وهما متصلان بالدماغ والقلب، و لذلك يستدل بالعين على فرح القلب والحزن والذكاء والبلادة و المحبة والعداوة، وأصح العيون ما كان لونها إلى الغبرة وكانت إلى الصغر والاعتدال، لان الصغيرة منها والغابرة تجمع النور و ذلك شبيه سراج في بيت ضيق، فهو يضئ البيت كله، واضعف العيون الجاحظة والمتسعة لان النور يتبدد فيها، فإذا غلبت على العين الرطوبة كانت سوداء بطيئة الحركة، يسرع إلى مثلها العشاء والظلمة، فان قلت رطوبتها كانت شهلاء، وإذا كانت رطوبتها لطيفة مثل المها وكانت تلك الرطوبة متصلة بظاهر العين كانت العين زرقاء، ومثال ذلك مياه الأنهار فان ما رق منها كان على لون الشهلة، وما كان أكثر من ذلك كان لونه إلى الزرقة، وما اجتمع من الماء وكثر كان لونه إلى السواد وابصر العيون بالليل الزرق والشهل، وذلك لقلة الرطوبة فيها ولذلك صارت سباع الطير والوحش زرقاء وشهلاء، وصارت أبصر بالليل من غيرها، " واما أعضاء العين " فتنبت من الدماغ سبعة أزواج عصب، فيجرى إلى العين منها الزوج الأول والثاني، فأحد الزوجين صلب مخرجه من مؤخر الدماغ، وبه تكون حرارة العين، والزوج الاخر لين مجوف يخرج من مقدم الدماغ، وانما صارت مجوفة لتجرى فيها الروح النيرة إلى العين، وليست في جميع البدن عصبة مجوفة
(١٥٩)