فردوس الحكمة في الطب - إبن سهل الطبري - الصفحة ١٦١
الباب الثاني في علل العين، ان المرض اما ان يصيب نفسه واما قوته واما الأشياء التي تخدمه، فالذي يصيب البصر نفسه أربع علل اما ان يتسع مجرى النور أو يزول كله عن موضعه أو يميل شئ فان مالت الرطوبة الجليدية و هي الحدقة إلى فوق أو إلى أسفل رأى الشخص شخصين، وان مالت إلى شئ منه أعني إلى جانب منه لم يضر ذلك بالبصر، وان اتسع مجاري النور من الجبلة في الرحم أو من تمدد أو من علة أخرى تبدد لذلك النور وضعف، وان ضاق مجرى النور وكان ذلك من الجبلة فإنه محمود لأنه يجمع الروح النوري كما وصفنا انفا، وان كان ضيقها من قبل نقصان الرطوبة البيضية أضر ذلك بالجليدية ويبسها، ومن علل الرطوبة البيضية انها إذا كثرت حالت بين الحدقة التي هي الجليدية وبين البصر، وان قلت البيضية جفت الجليدية لان الجليدية انما تغتذي منها، وان غلظت البيضية غلظا قليلا لم يرى الناظر الشئ البعيد منه رأسا ورأى ما قرب منه روية ضعيفة لأنه إذا مد بصره إلى البعد لطفت تلك المادة وتفرقت، ولذلك صار من نظر من فوق جبل لا يقدر ان يرى كما يرى من رفع بصره إلى السماء لان الرطوبات الغليظة تتراجع إلى خلف، وان كانت المادة الغليظة في البيضية كلها ذهب البصر ويسمي ذلك نزول الماء، وان كانت تلك المادة في وسطها فقط رأي " كان في " كل شئ يراه كوة لأنه يخيل اليه ان ما لا يدركه بصره من ذلك الشئ عميق، وإن لم تكن تلك المادة الا حوالي البيضية لم ير شيئا كثيرا في دفعة واحدة واحتاج إلى أن ينظر إلى كل شئ على حدته وان كانت تلك المادة متفرقة فيها رأى بين يديه أشياء على لون
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»