ثم إن سيبويه والأكثرين على أنه قد يكون حرفا جارا للاسم والكوفيون على أنه يختص بالفعل فلا يكون جارا أبدا، وقيل: إنه لا يكون إلا جارا وهو رأي الأخفش، فالذين قالوا: إنها قد تكون ناصبة وقد تكون جارة قالوا: إنه قد تتقدم «اللام» نحو ﴿لكيلا تأسوا﴾ (1) فحينئذ لابد من أن تكون ناصبة، بمعنى أن «لا» جارة بمعنى «لام» التعليل والاسم يدخل عليها «لام» التعليل وما في البيت من هذا القبيل، وقد يكون بعدها «أن» المصدرية الناصبة فلابد من أن تكون بمعنى «لام» التعليل.
وكذلك إذا انتصب بعدها الفعل وليس هناك «لام» ولا «أن» وكذلك إذا كان بعدها «ما» الاستفهامية فيقال: «كيمه» بمعنى «لمه» ولا يجر الاسم الصريح إلا هنا وأما نحو: «كي لتقضيني، فاللام عندهم زائدة مؤكدة ل «كي»، أو بدل منها، كما أن «أن» في نحو قولهم: لكنما أو كيما أن أفعل تأكيد أو بدل، لكون «كي» هنا بمعنى «أن» وإبدال الحرف من الموافق له في المعنى واقع، كما قيل في قوله:
«فثم إذا أصبحت أصبحت عاديا». (2) إن ثم بدل من الفاء، والذين قالوا إنها لا تكون إلا جارة يعتذرون في نحو ما في البيت بزيادة اللام.
واعتذر الكوفيون النافون لكونها جارة عن نحو «كيمه» بأنها ناصبة لمقدر، كأنه قال القائل فعل كذا لكذا، فقال: كيمه؟ أي: كي تفعل ماذا؟ ولا تتصرف تصرف «أن» فلا تقع مبتدأ، ولا فاعلا، ولا مفعولا، ولا مجرورا إلا باللام، ويجوز تأخير معلول ما بعدها عنها فتقول: كي أزورك جئتك.