ثم إن كان «عليه» حالا فالمراد بالنفي: نفي القيد والمقيد جميعا لا القيد وحده.
ويحتمل على الأخير أعني تقدير كراما، أن يريد نفي القيد وحده إذا كان المراد بورود الحوض مجرد الإشراف عليه أو قصده أو حضوره أو الوصول إليه غير أن يتحقق شرب كما هو الأصل في معناه، فإن غايتهم أن يحضروا الحوض ويصلوا لكن لا يكونون كراما على النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - حتى يسقيهم منه، بل يطردهم أو تطردهم الملائكة عنه.
ويؤيده أنه روى البخاري فيما أخرجه من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب أنه كان يحدث عن بعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: يرد علي الحوض رجال من أمتي فيحلؤون عنه فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك بما أحدثوا بعدك; إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. (1) وأخرج أيضا من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: يرد علي الحوض يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول: يا رب أصحابي، فيقول إنه لا علم لك بما أحدثوا بعدك; إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى. (2) ثم إن ما قال به الناظم رحمه الله من حرمانهم الحوض والشفاعة من الظهور وتواتر الاخبار به من الخاصة والعامة ودلالة البراهين القاطعة عليه، مما لا حاجة إلى الإطناب فيه، مع أنه لا يسعه ولا شطرا منه مثل هذا الكتاب، ثم إن الظاهر من البيت أنه اخبار.