الرعية، وولد الميت أولى بميراثه من كثير من أقاربه، والزوج أولى بها قرابة، والمولى بعبده.
ومرادهم في جميع ذلك ما ذكرناه.
ولا خلاف بين المفسرين في أن قوله: بعد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أولى بالمؤمنين من أنفسهم، المراد بتدبيرهم والقيام بأمرهم حيث وجبت طاعته عليهم، ونحن نعلم أنه لا يكون أولى بتدبير الخلق وأمرهم ونهيهم من كل أحد إلا من كان إماما لهم مفترض الطاعة عليهم.
فإن قال: اعملوا على أن المراد بلفظة «مولى» في الخبر: ما تقدم من معنى «أولى»، من أين لكم أنه أراد كونه أولى بهم في تدبيرهم وأمرهم ونهيهم، دون أن يكون أراد: أولى بأن يوالوه ويحبوه ويعظموه ويفضلوه، لأنه ليس يكون أولى بذواتهم بل بحالهم وأمر يرجع إليهم، فأي فرق في ظاهر اللفظ بين أن يريد ما يرجع إليهم في تدبيرهم وتصريفهم، وبين أن يريد أحد ما ذكرناه؟
قيل له: سؤالك يبطل من وجهين:
أحدهما: أن الظاهر من قول القائل: «فلان أولى بفلان» أنه أولى بتدبيره وأحق بأمره ونهيه، فإذا انضاف إلى ذلك القول «أولى به من نفسه» زالت الشبهة في أن المراد ما ذكرناه، ألا تراهم يستعملون هذه اللفظة مطلقة في كل موضع حصل فيه تحقق بالتدبير واختصاص الأمر والنهي، كاستعمالهم لها في السلطان ورعيته، والوالد وولده، والسيد وعبده وإن جاز أن يستعملوها مقيدة في غير هذا الموضع إذا قالوا: فلان أولى بمحبة فلان أو بنصرته أو بكذا أو بكذا منه، إلا أن مع الإطلاق لا يعقل منهم إلا معنى الأول، وكذلك نجدهم يمتنعون من أن يقولوا في المؤمنين: إن بعضهم أولى ببعض ويريدوا ما يرجع إلى المحبة والنصرة وما أشبههما، ولا يمتنعون من القول بأن النبي أو الإمام أو من اعتقدوا أن له فرض طاعة عليهم