معاشر الناس قولوا ما يرضى الله به (1) عنكم من القول، فإن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله غني عن العالمين فلن تضروا الله شيئا، اللهم اغفر للمؤمنين واغضب على الكافرين، والحمد لله رب العالمين.
فناداه القوم بأجمعهم: نعم سمعنا وأطعنا على أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا، وتداكوا على رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وعلى علي (عليه السلام) وصافقوهما بأيديهم، فكان أول من صافق رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: الأول والثاني والثالث والرابع والخامس وباقي المهاجرين والأنصار، وباقي الناس على طبقاتهم وقدر منازلهم منذ الظهيرة إلى أن غاب الشفق الأحمر، إلى أن صليت العشاء والعتمة في وقت واحد، وواصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا ورسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول كلما بايع قوم: الحمد لله الذي فضلنا على جميع العالمين، وصارت المصافقة سنة ورسما يستعملها من ليس له حق فيها.
روي عن الصادق (عليه السلام) أنه قال: لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - من هذه الخطبة رئي في الناس رجل جميل بهي (2) طيب الرائحة فقال: تالله ما رأيت محمدا (3) كاليوم، ما أشد ما يؤكد لابن عمه! وإنه يعقد له عقدا لا يحله إلا كافر بالله العظيم وبرسوله، ويل طويل لمن حل عقده.
قال: فالتفت إليه عمر حين سمع كلامه فأعجبته هيئته، ثم التفت إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وقال: أما سمعت ما قال هذا الرجل قال كذا وكذا؟ فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: يا عمر أتدري من ذاك الرجل؟ قال: لا، قال: ذلك الروح الأمين جبرئيل فإياك أن تحله، فإنك إن فعلت فالله ورسوله وملائكته والمؤمنون منك براء (4).
هذا تمام لفظ ما رواه الطبرسي رحمه الله في الاحتجاج.