ويقيم عليا على الناس يهتدون به، ولم يأته بالعصمة من الله جل جلاله بالذي أراد حتى أتى «كراع الغميم (١)، موضع بين مكة والمدينة، فأتاه جبرئيل (عليه السلام) وأمره بالذي أتاه به من قبل الله سبحانه، ولم يأته أيضا بالعصمة.
فقال: يا جبرائيل إني أخشى قومي أن يكذبوني ولا يقبلوا قولي في علي أخي وابن عمي.
قال: فرحل النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فلما بلغ غدير خم وهو قبل الجحفة (٢) بثلاثة أميال أتاه جبرئيل (عليه السلام) على خمس ساعات مضت من النهار بالزجر والانتهار والعصمة من الناس، فقال: يا محمد إن الله عز وجل يقرؤك السلام ويقول لك: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك) في علي ﴿وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس﴾ (3) وكان أوائلهم قريبا من الجحفة، فأمره بأن يرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر عنهم في ذلك المكان، ليقيم عليا للناس علما ويبلغهم ما أنزل الله تعالى في علي، وأخبره أن الله عز وجل قد عصمه من الناس.
فأمر رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - عند ما جاءته العصمة مناديا ينادي في الناس الصلاة جامعة ويرد من تقدم منهم ويحبس من تأخر، وتنحى عن يمين الطريق ونزل إلى جنب مسجد الغدير، أمره بذلك جبرئيل عليه السلام عن الله عز وجل، وكان في الموضع سلمات (4).