وذهب بعضهم إلى حرفيتها إذا كانت شرطية. وقد يخرج عن معنى الشرطية فيكون ظرفا محضا كما في قوله تعالى: ﴿والليل إذا يغشى﴾ (١) فإنه يجب أن يجعل ظرفا مستقرا حالا عن «الليل» أي:
أقسم بالليل كائنا في زمان الغشيان، ولا يكون من الأحوال المقصود مقارنتها للعامل، بل بمنزلة الصفات.
أو يكون من الأحوال المقدرة، أو متعلقا بالعظمة المفهومة من القسم، لأنه لا يقسم بشيء إلا لعظمة فيه وكأنه قيل: وعظمة الليل إذا يغشى، كما يقال: عجبت من زيد إذا ركب، بمعنى: عجبت من عظمة زيد.
وإن جعلت للشرط لزم أن يكون جوابها مدلولا عليه بما قبلها وهو: أقسم بالليل، فيلزم تعليق القسم بزمان الغشيان. وإنشاء القسم لا يقبل التعليق، وكما في قوله تعالى: ﴿وإذا ما غضبوا هم يغفرون﴾ (٢) (والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون). (٣) إذ لو كان للشرط لزمت القاؤه في الجواب، وتقديرها لم يثبت في غير الضرورة، وتقدير الجواب، أو جعل الضمير توكيدا وما بعده جوابان ضعيفان ظاهران لا حاجة إليهما.
و قد تخرج عن معنى الاستقبال إما إلى الماضي كقوله تعالى: ﴿وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها﴾ (٤) وقوله تعالى: ﴿ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا﴾ (5) وإما إلى الحال، على ما قيل في نحو: (والليل إذا يغشى) تمسكا بأنها لو كانت للاستقبال لم يمكن أن يكون ظرفا للقسم، لأنه إنشاء لا إخبار عن قسم يأتي، ولا أن يكون ظرفا، لكون محذوف حالا