و قد أنشد كعب بن زهير قصيدته التي قالها في مدح النبي في مسجده الشريف، والتي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول * متيم إثرها لم يفد مكبول قال الحاكم: لما أنشد كعب قصيدته هذه لرسول الله، وبلغ قوله:
إن الرسول لسيف يستضاء به * وصارم من سيوف الله مسلول أشار - صلى الله عليه وآله وسلم - بكمه إلى الخلق ليسمعوا منه. (1) ويروى أن كعبا أنشد «من سيوف الهند» فقال النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -: من سيوف الله.
قال المقريزي في حوادث السنة الثامنة من الهجرة: ففي هذه السنة كان إسلام كعب بن زهير بن أبي سلمى، فأسلم وقدم على رسول الله المدينة وأنشده القصيدة فكساه بردة كانت عليه، وقال ابن قتيبة: أعطى رسول الله كعب بن زهير راحلة وبردا، فباع البرد من معاوية بعشرين ألفا، فهو عند الخلفاء إلى اليوم. (2) وقد تأسى أئمة العترة الطاهرة بالنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - في تكريم الشعراء المجاهرين بولائهم، المخلصين من الذين كانوا ينظمون القريض لغايات دينية، معرضين عن التردد على بلاط الخلفاء الأمويين والعباسيين، وقد كان لشعرهم يومذاك تأثير بالغ في قلوب الناس، وإيقاظ ضمائرهم، ولهذا الهدف الأسمى كان أئمة أهل البيت يبجلون بشعرهم ويدعون لهم ويغدقون عليهم بالصلات، ولهذه الغاية راجت بين شيعة أئمة أهل البيت ميمية الفرزدق، وهاشميات الكميت، وعينية الحميري، وتائية دعبل الخزاعي، وميمية الأمير أبي فراس، وكانوا يحفظونها