فهو راجع إلى الشعراء الذين لا هم لهم سوى الحصول على المزيد من حطام الدنيا من خلال مدح ذوي الجاه والمقام أملا في نيل عطائهم، أو إثارة شهواته الجامحة التي تعصف بالمجتمع في ورطة الانحلال الأخلاقي.
ثم إنه سبحانه لا ينظر إلى الجميع على حد سواء بل يستثني منهم طائفة، بقوله: ﴿إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون﴾ (1).
وبذلك يتبين موقف الأحاديث الواردة في هذا المضمار، فهي بين منددة بالشعر وبين مادحة له، كما في قوله:
إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا. (2) وقد كان الشعر هو الوسيلة الوحيدة للإعلام وإثارة العواطف والأحاسيس وبث الأفكار من خلاله، وكان للشعر والشعراء في عصر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - وبعده مقام شامخ، وكان أئمة أهل البيت (عليهم السلام) يغدقون عليهم بالعطايا والصلات.
قال البراء بن عازب: إن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قيل له: إن أبا سفيان بن حارث بن عبد المطلب يهجوك، فقام عبد الله بن رواحة فقال: يا رسول الله: ائذن لي فيه، فقال: «أنت الذي تقول ثبت الله»، قال: نعم، قلت يا رسول الله.
فثبت الله ما أعطاك من حسن تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصروا قال صلى الله عليه وآله وسلم: «وأنت يفعل الله بك خيرا مثل ذلك». (3)