ديوان السيد حيدر الحلي - السيد حيدر الحلي - ج ٢ - الصفحة ٤٦
وقال راثيا محمد كاظم بن الحاج عبد الكريم كبه ومعزيا أباه وعمه الحاج محمد صالح: - لا أرى للزمان يا صاح عذرا * أفيدري لمن تأبط شرا ولمن بغتة ألم بخطب * ساء فيه الأنام عبدا وحرا رد فيه حزنا نواصي الليالي * ووجوه الأنام شعثا وغبرا وحشا المكرمات حرى وعين * المجد عبرى ومهجة الفضل حرى جذ من دوحة المكارم غصنا * فذوي بغتة وقد كان نضرا قد نعته العلياء وهو بقبر * مذ حواه لصبرها صار قبرا يا هلالا رجوت يكمل بدرا * محقته يد الردى فاستسرا من عذيري من لائم فيك لا أقبل * عذلا وليس يقبل عذرا؟
لام حتى بلومه ضقت ذرعا * مثل ما ضقت في مصابك صدرا قلت دعني ومقلة لي عبرى * ببكاها ومهجة لي حرى لا تسمني قرار عيني فهذا * ضوؤها في ثرى اللحود استقرا هو منى شطر الحشا أو أسلو * بعدما من حشاي فارقت شطرا؟
عجبا صرت فيه أسمح للترب * ومنه عليه أطرح وقرا بعد ظني على العيون جميعا * أن ترى ذلك المحيا الأغرا كان لي في حياته العيش حلوا * وهو اليوم بعده قد أمرا وبحسبي ما عشت داء لنفسي * أنا أبقى ويسكن اللحد قسرا كيف ما مت إنني لجليد * وبه أنشبت يد الموت ظفرا استجد الثياب حيا لجسمي * وهو يبلى في الترب ميتا معرى لم أخلني كذا أكون صبورا * وفؤادي بسهمه قد تفرى رمت رفع الآلام عنه بجهدي * شفقا لا لأبلغ الناس عذرا وبذلت الطريف من جل مالي * مع بذل التليد منه ليبرا وبودي لو كان يبقي واملقت * إذا كان ذا لعيني أقرا سوءة للزمان ما لي أراه * ساء من أحسنوا لابناه طرا هم بنو المصطفى ومن في البرايا * كبني المصطفى سماحا وبرا فئة المجد معشر الشرف المحض * قبيل العليا وناهيك فخرا قد أرق الحرص الأنام ولكن * لم يكن غيرهم على الأرض حرا قد كساهم (محمد) صالح الافعال * بردا من فخره طاب نشرا ورع من رآه قال لعمري * إن لله في معانيك سرا ملكي الصفات لكن تراه * بشري الأعضاء قد جل قدرا لك نفس قدسية قد تمحضت * بها للإله سرا وجهرا هي تلك النفس التي بين جنبي * ذي المعالي أخيك ليست بأخرى شرعا قد سموتما للمعالي * وإليها ركبتما النجم ظهرا تم فيه ما كان ساء وسرا * فهو مل الزمان نفعا وضرا ذو يسار يزري بيمنى سواه * ويمين كانت لراجيه يسرا هي أجرى من البحار نوالا * ومن الغاديات أغزر درا تخصب الأرض في نداه إذا الجدب * أديم الصعيد فيه اقشعرا وعلى الأرض إن مشت ودت * الشهب عليها أذيال علياه جرا كيف لا تحسد النجوم ثراه * وبه قد سما على الشهب فخرا قد جرى سابقا وصلى أمين * الفضل يتلوه لاحقا واستمرا ثم حلا معا بأرفع مجد * طلعا في سماه شمسا وبدرا فغدا كل نير بهما هاد * لمن رام للمكارم مسرى يا بني المصطفى رسختم حلوما * فغدوتم على النوائب صبرا ذا الجزا أنتم حريون فيه * لكن الصبر أنتم فيه أحرى ومصاب الماضي يهون إذا ما * كنت أنت الباقي وإن عز قدرا وقال راثيا بعض الأكابر في ضمن كتاب: - الان هون كل نائبة * جلل أمال دعائم الفخر وطوى خضم العلم في كثب * الغبراء أخرس ألسن الشعر خطب تجاوب بالنياح له * من كان في بر وفي بحر قد عم أهل الأرض كلهم * فهم سواء فيه في الاجر يا بحر جود قد طغى لججا * أفضى الحمام به إلى القبر أيضم منك القبر طود نهى * بعلاه سامت ذروة النسر فاذهب فما الدنيا بصالحة * لمقام مثلك من ذوي الفخر طبقت مشرقها ومغربها * بفضائل جلت عن الحصر وقال راثيا العلامة الشيخ محمد (755) بن الشيخ علي ومعزيا العلامة السيد مهدي القزويني: - طرقت فالأنام منها سكارى * تملأ الكون دهشة وانذعارا بكر خطب لا ينشد الصبر فيها * قد أتانا بها الزمان ابتكارا في حديث الأحقاب لم يأت فيها * وقديما لمثلها ما أشارا بردت سائر القلوب ردى منها * وعادت من الغليل سكارى ولها كانت المدامع لولا * حر أنفاسنا تكون بحارا وقليل بها وإن ليس يجدي * ترسل العين دمعها مدرارا نكبة تملأ الوجود مصابا * يملأ الأرض والسما استعبارا يا نفوس اللاجين طيري شعاعا * أدرك الدهر عندك الأوتارا وابردي يا حشاشة الشرك أمنا * مات من كان بين جنبيك نارا فبمن يغتدي الهدى مستجيرا؟ * فقدت كعبة الهدى المستجارا وله أصبح الحطيم حطيما * يتوارى في الترب حين توارى ودجا (756) الأفق في دجى غيهب الحزن * وهبت ريح الصبا إعصارا سومي يا خطوب خيلك فينا * تغنمي أين ما قصدت المغارا وارتعي في حمى الورى فالمنايا * أنشبت في هزبرها الأظفارا من حماها عن أن تراع وقسرا * رد أيدي الأيام عنها قصارا همم حيث لا يرى البدر سيرا * مصعدات لا تعرف الانحدارا كيف تخلو له من الحزن دار * والندى منه لم يفت ديارا ملك الناس بالسماح عبيدا * فغدوا بعد فقده أحرارا يا بغاة الاسلام لا تتناجوا * بانتقاص الدين الحنيف سرارا؟
لا تخالوا (محمدا) لم يخلف * للورى ناهيا ولا أمارا فالإمام المهدي قد قام فيهم * علما يرشد الورى ومنارا ما بني الله من سماء علوم * وهو بدر في أفقها قد أنارا لازم الحق في هداه فأضحى * معه الحق حيثما دار دارا منه مل الابراد عدل وتوحيد * وفخر من هاشم لا يجاري والحبا في الندى تضمن منه * ركن رضوى حلما وأرسى وقارا فترى الناس هيبة منه حرسا * يتناجون في الحديث سرارا يا أجل الورى علا وقدرا * وأعز الأنام نفسا وجارا عقد العي منطقي أن أعزيك * ومنك العزا غدا مستعارا وقبيح مني إذا قلت صبرا * للذي علم الورى الاصطبارا

755 هو الشيخ محمد بن الشيخ علي بن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء، من مشاهير علماء عصره، وكان مهيبا مطاعا وقورا شاعرا له مكانة عند ذوي الحكم، سمحا جوادا زاهدا، رجع إليه الناس في التقليد، وكان يرعى الأدباء والشعراء ويصلهم، توفي في النجف عام 1268 ه‍ ترجمت له في كتابي (مستدرك شعراء الغري) ج 3 ص 45 المخطوط.
756 دجا: أظلم.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»