يسقون من ورد البريص عليهم * بردى يصفق بالرحيق السلسل * لم يرو أحد قط يصفق إلا بالياء آخر الحروف لأنه يريد: يصفق ماء بردى فرده إلى المحذوف وهو الماء ولم يرده إلى الظاهر وهو بردى.
ولو كان الأمر على ما ذكرت لقال: تصفق لأن بردى مؤنث لم يجئ على زنته مؤنث قط. وقد جاء الرد على المحذوف تارة وعلى الظاهر أخرى في قوله عز وجل: وكم من قرية أهلكناها فجاءها بأسنا بياتا أو هم قائلون.
ألا تراه قال: فجاءها فرد على الظاهر وهو القرية ثم قال: أو هم قائلون فرد على أهلها وهو محذوف. وبعد فليس ها هنا ما يتأول به التأنيث إلا أن يقال: إنه أراد البقعة فيصير من باب التحكم لأنه تأويله بالمذكر ضروري لأنه جبل والجبل مذكر وإنما سمي باسم رجل بإجماع.
ولو سألت كل أعرابي عن أجأ لم يقل إلا: إنه جبل ولم يقل بقعة. ولا مستند للقائل بتأنيثه البتة. ومع هذا فإنني إلى هذه الغاية لم أقف للعرب على شعر جاء فيه أجأ غير منصرف مع كثرة استعمالهم لترك صرف ما ينصرف في الشعر.
ثم إني وقفت بعد ما سطرته على جامع شعر امرئ القيس وقد نص على ما قلته وهو أنه قال: أجأ موضع وهو أجد جبلي طيء والآخر سلمى. وإنما أراد أهل أجأ كقول الله: واسئل القرية يريد: أهل القرية. ثم وقفت على نسخة أخرى فيها: أرى أجأ لم يسلم العام جاره قال: المعنى أصحاب الجبل لن يسلموا جارهم. انتهى كلام ياقوت.