خزانة الأدب - البغدادي - ج ١١ - الصفحة ١٧٥
وغير ذلك وفتح الله عليه أبواب العلوم ثم رغب بعد ذلك في علم الطب وعالج تأدبا لا تكسبا حتى) فاق الأوائل والأواخر في أقل مدة.
واختلف إليه فضلاء هذا الفن يقرؤون عليه أنواعه وسنه إذ ذاك ست عشرة سنة وفي مدة اشتغاله لم ينم ليلة واحدة بكمالها ولا اشتغل في النهار بسوى المطالعة وكان إذا أشكلت عليه مسألة توضأ وقصد المسجد الجامع وصلى ودعا الله أن يسهلها ويفتح له مغلقها.
وذكر عند الأمير نوح بن نصر الساماني في مرض مرضه فأحضره وعالجه حتى برأ واتصل به وقرب منه ودخل إلى دار كتبه وكان فيها من كل فن مما لا يوجد في سواها ولا سمع باسمه فظفر أبو علي بعلوم الأوائل.
واتفق بعد ذلك احتراق تلك الخزانة فتفرد أبو علي بما حصله. ولم يستكمل ثماني عشرة سنة من عمره إلا وقد فرغ من تحصيل العلوم بأسرها التي عاناها. وتوفي أبوه وسن أبي علي اثنتان وعشرون سنة وكان هو وأبوه في الأعمال السلطانية.
ولما اضطربت أحوال السامانية خرج أبو علي إلى كركانج وهي قصبة خوارزم واختلف إلى خوارزمشاه وكان أبو علي على زي الفقهاء ويلبس الطيلسان فقرر له في كل شهر ما يقوم به.
ثم انتقل إلى نسا وأبيورد وطوس وغيرها ثم إلى قزوين وتولى الوزارة لشمس الدولة. ثم تشوش العسكر عليه فأغاروا على داره فنبهوها وقبضوا عليه وسألوا شمس الدولة قتله فامتنع ثم أطلق فتوارى.
ثم مرض شمس الدولة بالقولنج فأحضره لمداواته واعتذر إليه وأعاده وزيرا.
(١٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 ... » »»