واستغنوا عن الإضمار في حتى بقولهم: دعه حتى يوم كذا وكذا وبقولهم: دعه حتى ذاك.
وبالإضمار في إلى قولهم: دعه إليه لأن المعنى واحد.
كما استغنوا بمثلي وبمثله عن كي وكه. واستغنوا عن الإضمار في مذ بقولهم: مذ ذاك لأن ذاك اسم مبهم وإنما يذكر حين يظن أنك قد عرفت ما يعني. إلا أن الشعراء إذا اضطروا أضمروا في الكاف فيجرونها على القياس.
قال العجاج: وقال:
* فلا ترى بعلا ولا حلائلا * كه ولا كهن إلا حاظلا * شبهوه بقوله: له ولهن. ولو اضطر شاعر فأضاف الكاف إلى نفسه قال: كي. وكي خطأ من قبل أنه ليس من حرف يفتح قبل ياء الإضافة. انتهى.
قال النحاس: هذا عند سيبويه قبيح. والعلة له أن الإضمار يرد الشيء إلى أصله. فالكاف في موضع مثل فإذا أضمرت ما بعدها وجب أن تأتي بمثل. وأبو العباس فيما حكى لنا علي بن سليمان يجيز الإضمار في هذا على القياس لأن المضمر عقيب المظهر وقد نطقت به العرب.
وقد ذكرنا قبل ما ذكره بعض النحويين من إجازتهم: أنا كأنت وكإياك ورد أبي العباس لذلك. انتهى كلامه. وقال ابن عصفور في كتاب الضرورة: ومنه أ يستعمل الحرف للضرورة استعمالا لا يجوز مثله في الكلام نحو قول العجاج: وأم أوعال كها أو أقربا فجر بالكاف الضمير المتصل. وحكمها في سعة الكلام أن لا تجر إلا الظاهر أو الضمير المنفصل لجريانه مجرى الظاهر فيقال: ما أنا كأنت ولا أنت كأنا.)