كأنك من جمال بني أقيش أي: جمل من جمال بني أقيش فالجواب: أن حذف الموصوف وإقامة الوصف مقامه قبيح وفي بعض الأماكن أقبح.
فأما دانية فالوجه أن يكون حالا معطوفة على متكئين فهذا لا ضرورة فيه. وأما قوله: كأنك من جمال فإنما جاز في ضرورة الشعر.
ولو جاز لنا أن نجد من في بعض المواضع قد جعلت اسما لجعلناها هنا اسما ولم نحمل الكلام على إقامة الصفة.
فأما قوله: ولن ينهى ذوي شطط كالطعن فلو حملته على إقامة الصفة مقام الموصوف لكان أقبح من تأول قوله تعالى: ودانية على حذف الموصوف لأن الكاف في بيت الأعشى هي) الفاعلة في المعنى ودانية إنما هي مفعول والمفعول قد يكون غير اسم صريح نحو: ظننت زيدا يقوم والفاعل لا يكون إلا اسما صريحا محضا.
فإن قلت: ألست تعلم أن خبر كأن يجري مجرى الفاعل وقد قالوا: كأنك من جمال بني أقيش وأرادوا: جمل من جمال بني أقيش فهلا أجزت حذف الفاعل وإقامة الصفة مقامه في قول الأعشى فالجواب: أن بينهما فرقا من وجهين: أحدهما: أن خبر كأن وإن شبه بالفاعل في ارتفاعه فليس في الحقيقة فاعلا وجعلهم خبرها فعلا يدل على أنه لا يبلغ قوة الفاعل. والآخر: أن قوله: كأنك من جما لبني أقيش اضطررنا فيه إلى إقامة الصفة مقام الموصوف وبيت الأعشى لم نضطر فيه إلى ذلك لأنه قد قامت الدلالة البينة عندنا على استعمالهم الكاف اسما في نحو قوله: وبعلها على كالنقا فهذا ونحوه يشهد بكون الكاف اسما وبيت الأعشى أيضا يشهد بما قلنا. ولسنا نخالف الشائع المطرد إلى ضرورة واستقباح إلا بأمر يدعو إلى ذلك ولا ضرورة هنا. فنحن على ما يجب من لزوم الظاهر ومخالفنا معتقد لما لا قياس يعضده. فقد صح بما قدمنا أن كاف الجر تكون مرة اسما ومرة حرفا. فإذا رأيتها في موضع تصلح فيه أن تكون اسما وأن تكون حرفا فجوز فيها الأمرين وذلك كقولك: زيد كعمرو فقد تصلح أن تكون الكاف هنا اسما كقولك: زيد مثل عمرو ويجوز أن تكون حرفا كقولك: زيد من الكرام. فكما أن من حرف جر وقع خبرا عن المبتدأ كذلك الكاف تصلح أن تكون حرف جر.
فإذا قلت: أنت كزيد وجعلت الكاف اسما فلا ضمير فيها كما أنك إذا