خزانة الأدب - البغدادي - ج ١٠ - الصفحة ١٨٦
فجعل الكاف فاعلة بيفخر. والدليل على أنها فاعلة في البيتين أنه لا بد للفعل من فاعل فلا يجوز أن يكون الفاعل محذوفا ويكون تقديره في البيت الأول ناه كالطعن وفي البيت الثاني فاخر كفاخر. لأنه لا يخلو بعد الحذف أن يقام المجرور مقامه أو لا يقام. فإن لم يقم مقامه لم يجز ذلك لأن الفاعل لا يحذف من غير أن يقام شيء مقامه. وإن قدر لزم أن يكون المجرور فاعلا والمجرور الذي حرف الجر فيه غير زائد لا يكون فاعلا.
فلما تعذر حذف الفاعل على التقديرين لم يبق إلا أن تكون الكاف هي الفاعلة عوملت) معاملة مثل لأن معناها كمعناه. وحكم لها بحكمه بدلا من حكمها للضرورة. ومما استعملت أيضا الكاف فيه اسما قول ذي الرمة: وبعله على كالنقا.
وقول امرئ القيس: ورحنا بكابن الماء والدليل على أن الكاف فيهما ليست بحرف جر أن حرف الجر لا يدخل على حرف الجر إلا أن يكونا في معنى واحد فيكون أحدهما تأكيدا للآخر.
فإن قيل: لعل الكاف حرف جر ويكون المجرور بعلى والباء محذوفا. والتقدير: على كفل كالنقا وبفرس كابن الماء فالجواب: أن ذلك لا يسوغ لأنك إن لم تقدر المجرور قائما مقام المحذوف لزم من ذلك أن يكون الحرف الذي هو الكاف مع الاسم المجرور به في موضع خفض بعلى والباء وذلك لا يجوز لأن حروف الجر إنما تجر الأسماء وحدها فلما تعذر أن تكون الكاف حرفا على التقديرين لم يبق إلا أن تكون قد جعلت اسما. انتهى.
(١٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 ... » »»