خليل يوم مسغبة * يقول لا غائب ما لي ولا حرم * يقول على القلب فهو محال وذلك لأن الجواب حده أن يكون بعد إن وفعلها الأول وإنما يعني بالشيء موضعه إذا كان في غير موضعه نحو: ضرب غلامه زيد لأن حد الغلام أن يكون بعد زيد. وهذا قد وقع في موضعه من الجزاء فلو جاز أن تعني به التقديم لجاز أن تقول: ضرب وأما ما ذكره من: من ومتى وسائر الحروف فإنه يستحيل في الأسماء منها والظروف من وجوه في التقديم والتأخير لأنك إذا قلت: آتي من أتاني وجب أن تكون من منصوبة بقولك: أتي ونحوه وحروف الجزاء لا يعمل فيها ما قبلها فليس يجوز هذا إلا أن تريد بها معنى الذي ومتى إذا قلت: آتيك متى أتيتني فمتى للجزاء وهو ظرف لأتيتني لأن حرف الجزاء لا يعمل فيه ما قبله ولكن الفعل الذي قبل متى أغنى عن الجواب كما قلت في إن في قولك: أنت ظالم إن فعلت. فأنت ظالم منقطع من إن وقد سد مسد الجواب.
وكذلك آتيك قد سدت مسد الجواب في متى وإن لم يكن منها في شيء لأن متى منصوبة بأتيتني لأن حروف الجزاء من الظروف والأسماء إنما يعمل فيهما ما بعدهما وهو الجزاء الذي يعمل فيه الجزم. والباب كله على هذا لا يجوز غيره.
ولو وضع الكلام في موضعه لكان تقديره: متى أتيتني فأتيتك أي: فأنا آتيك.
وأما قوله:... من يأتها لا يضيرها إنما هو من يضيرها لا يأتها فمحال أن ترتفع من بقولك لا يضيرها ومن مبتدأ كما لا تقول زيد يقوم فترفعه بيقوم. وكل ما كان مثله فهذا قياسه.
وهذه الأبيات التي أنشدها كلها لا تصلح إلا على إرادة الفاء في الجواب كقوله: الله يشكرها لا يجوز إلا ذلك. اه.