خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٥٠٦
قال ابن الشجري في أماليه: حابى: بارى يقال: حابيت فلانا أي: باريته في الحباء مثل باهيته في العطاء كما يقال: كارمته أي: باريته في الكرم.
فقوله: تحابي بها أكفاءنا لا يكون إلا بمعنى نباريهم في الحباء. وقد ورد أحابي في شعر زهير) * أحابي به ميتا بنخل وأبتغي * إخاءك بالقيل الذي أنا قائل * قالوا: أراد أحابي بهذا الشعر ميتا بنخل يعني بالميت أبا الممدوح أي: أخصه به. ونخل: أرض بها قبره.
وذهب ابن جني في قول المتنبي: الطويل * وإن الذي حابى جديلة طيئ * به الله يعطي من يشاء ويمنع * إلى أن حابى بمعنى حبا مأخوذ من الحباء وهو العطية واسم الله مرتفع به أي: إن الذي حبا الله به جديلة يعطي فالجملة التي هي يعطي وفاعله خبر إن. وخولف في هذا القول: على أن عليه أكثر مفسري شعر المتنبي.
والذي رد عليه قال: إن حابيته بكذا بمعنى حبوته به ليس بمعروف. فعلى هذا القول يكون فاعل حبا مضمرا فيه يعود على الذي واسم الله مرفوعا بالابتداء وخبره الجملة التي هي يعطي وفاعله ومفعوله.
أي: إن الذي بارى جديلة في الحباء الله يعطي به من يشاء. ومفعول بمنع محذوف دل عليه مفعول يعطي ومفعول يشاء المذكور ويشاء المحذوف محذوفان.
فالتقدير: يعطي الله به من يشاء أن يعطيه. ويمنع به من يشاء أن يمنعه. على أن المضمرين في والمعنى أنه ملك قد فوض الله إليه أمر الخلق في الإعطاء والمنع. فالمدح على هذا
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»