خزانة الأدب - البغدادي - ج ٩ - الصفحة ٣١٣
أما في الماضي فلقوله تعالى: وما كادوا يفعلون والمراد أنهم قد فعلوا الذبح. وأما في المضارع فلأن الشعراء خطؤوا ذا الرمة في قوله:
*................ لم يكد * رسيس الهوى من حب مية يبرح * وهو أنه يؤدي إلى أن المعنى: إن رسيس الهوى يبرح ويزول وإن كان بعد طول عهد. فلولا أنهم فهموا في اللغة أن النفي إذا دخل على المضارع من كاد أفاد إثبات الفعل الواقع بعده لم يكن لتخطئتهم وجه.
وقيل: يكون في الماضي للإثبات دون المستقبل تمسكا بقوله تعالى: وما كادوا يفعلون إذ المعنى قد فعلوا كما ذكرنا.
وبقول ذي الرمة:) إذا غير الهجر البيت إذ المعنى: وما برح حبها من قلبي.
فهذا القائل تمسك بقول ذي الرمة والقائل الأول تمسك بتخطئة الشعراء ذا الرمة. والجواب أنه لنفي مقاربة الذبح وحصول الذبح بعد أي: بعد أن نفى مقاربة الذبح لا ينافيها. ولم يؤخذ من لفظ: كادوا بل من لفظ: فذبحوها.
وهذا جواب عن القولين المذكورين فإنا لا نسلم أن النفي الداخل على كاد يفيد الإثبات لا في الماضي ولا في المستقبل بل هو باق على وضعه وهو نفي المقاربة. وليس ما تمسكوا به بشيء أما في الآية فهو أن معناه أن بني إسرائيل ما قاربوا أن يفعلوا للإطناب في السؤالات ولما سبق في قولهم: أتتخذنا هزوا وهذا التعنت دليل على أنهم كانوا لا يقاربون فعله فضلا عن نفس الفعل.
ونفي المقاربة قد يترتب عليه الفعل وقد لا يترتب وهو قوله: وحصول الذبح بعد لا ينافيها.
وأما إثبات الذبح فمأخوذ من الخارج وهو قوله:
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»