السببية وانتفاء الثاني لانتفاء الأول وهو أحد وجهي النصب وهو قليل وعليه قوله:
* ولقد تركت صبية مرحومة * لم تدر ما جزع عليك فتجزع * أي: لو عرفت الجزع لجزعت ولكنها لم تعرفه فلم تجزع. إلى آخر ما ذكره من نظائره من الآيات القرآنية.
وقد تكلم ابن جني على هذا البيت في إعراب الحماسة فلا بأس بإيراده قال: هذا البيت طريف غريب الحديث وذلك أنه ليس بجواب لأنه مرفوع كما ترى ولو كان منصوبا جوابا لكان أوفق معنى وأسلب طريقا ولا قبله أيضا فعل مرفوع فيعطف عليه كما عطف في قوله: البسيط فلهذا كان غريبا. غير أن وجهه عندي أن يكون قوله: فتجزع صفة لقوله: مرحومة أو صغيرة ويكون معطوفا على جملة قوله: لم تدر ما جزع عليك لأن هذه الجملة صفة لقوله: صغيرة أو مرحومة فكأنه قال: فلقد تركت صغيرة جاهلة بالجزع فجازعة مع ذلك.
فلما وقع تجزع موقع الاسم ارتفع فجرى مجرى قولك: مررت برجل من أهل العلم ويقرىء) الناس. فتعطف يقرئ على من أهل العلم حتى كأنك قلت: عالم ومقرىء. وإن شئت جعلت الفاء زائدة في جميع ذلك فكان. فلا أم تبكيه ولا أخت تفقده.