ولم يتكلم ابن جني في إعراب الحماسة على هذا البيت إلا من جهة القافية. قال: يروى: فادعينا بإشمام الضم في كسرة العين. ويروى بإخلاص الكسرة.
فأما من أخلص الكسرة فلا سؤال في إنشاده من جهة الردف. وأما من رواه بإشمام الضم ففيه السؤال. وذلك أن الحركة قبل الردف وهي التي يقال لها: الحذو لم تأت عنهم مشمة ولا مشوبة وإنما هي إحدى الحركات مخلصة البتة.
ولم يذكر الخليل ولا أبو الحسن ولا أبو عمرو ولا أحد من أصحابنا حال هذه الحركة المشوبة كيف اجتماعها مع غيرها. فدل ذاك على أن الحركة في نحو هذا ينبغي أن تكون مخلصة.
ومذهب سيبويه في هذا النحو مثل: ادعي واغزي الإمالة وإشمام الكسرة شيئا من الضمة.
ولم يستثن ردفا من غيره. ووجه جواز هذه الحركة المشوبة مع الكسرة والضمة الصريحتين: أن ما فيها من الإشمام لا يعتد به ولا ينظر إلى قدره وإنما هو كإمالة الفتحة إلى الكسرة في نحو: سالم وحاتم. وأنت تجيزهما في شعر واحد مع قادم وغانم ولا تحفل بما بين الحركتين بل إذا جاز سالم مع قادم وسلاح مع صباح وقنا مع فتى كان اجتماع ادعينا مع يشرينا ونحو ذلك أسهل وأسوغ.
وإنما كان أسهل من قبل أن الفتحة إذا نحي بها قبل الألف نحو الكسرة انتحيت أيضا بالألف بعدها نحو الياء لا بد من ذلك من حيث كانت الألف ناشئة عن الحركة قبلها على احتذاء وموازنة اتباع. فإذا أملت الفتحة والألف فهناك عملان في الحركة والحرف جميعا كما ترى.
وأما الياء في ادعينا وقيل وبيع فإنها وإن شيبت الحركة قبلها خالصة البتة وغير مشوبة شوب ما قبلها وجاز ذلك فيها من حيث كانت الطاقة حاملة والقدرة ناهضة بالنطق بالياء الساكنة بعد الضمة الناصعة فكيف بها بعد الكسرة التي إنما اعتلت بأن انتحي بها نحو الضمة. والعمل في ذلك خلس خفي.)