في سعي دنيا طالما قد مدت على أن دنيا قد جردت من اللام والإضافة لكونها بمعنى العاجلة.
يريد أن الاسمية غلبت عليها لكثرة استعمالها ولهذا لم تجر على موصوف غالبا كما غلبت الاسمية على نحو الأجرع والأبطح.
قال ابن يعيش: القياس في دنيا أن يكون بالأف واللام لأنه صفة في الأصل على أنه فعلى ومذكره الأدنى مثل الأكبر والكبرى. وهو من دنوت فقلبت الواو في الأدنى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها وذلك بعد أن قلبت ياء لوقوعها رابعة.
وقد تقدم أن الألف واللام تلزم هذه الصفة إلا أنهم استعملوا دنيا استعمال الأسماء فلا يكادون يذكرون معه الموصوف ولذلك قلبوا اللام منه ياء لضرب من التعادل والعوض كأنهم أرادوا بذلك الفرق بين الاسم والصفة فلما غلب عليها حكم الأسماء أجروها مجرى الأسماء.
وكانت الألف واللام لا تلزم الأسماء فاستعملوها بغير ألف ولام كسائر الأسماء. انتهى.
وأورده صاحب الكشاف عند قوله تعالى: إنما صنعوا كيد ساحر من سورة طه. قال: إن تنكير ساحر مع كونه معلوما معينا لأجل تنكير المضاف وهو كيد كما نكر الشاعر دنيا لأجل تنكير سعي.
والمراد كيد سحري وسعي دنيوي. ولو عرف السحر والدنيا لصار الكيد والسعي معرفتين والمراد تنكيرهما إذ الغرض كيد ما وسعي ما.
وقال أبو حيان: البيت محمول الضرورة إذ دنيا تأنيث الأدنى لا يستعمل إلا بالألف واللام أو بالإضافة.