خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ١٧٤
والفديد: الصوت يريد أنهم عندي بمنزلة الجحاش التي تنهق عند ذلك الماء فلا أعبأ بهم.
وتخصيص الجحاش مبالغة في التحقير.
والبيت استشهد به شراح الألفية.
وأما ما روي عن اللاحقي في البيت الأول فقد حكاه المازني قال: أخبرني أبو يحيى اللاحقي قال: سألني سيبويه عن فعل يتعدى فوضعت له وهذا البيت.
وإذا حكى أبو يحيى مثل هذا عن نفسه ورضي بأن يخبر أنه قليل الأمانة وأنه ائتمن على الرواية الصحيحة فخان لم يكن مثله يقبل قوله ويعترض به على ما قد أثبته سيبويه.
وهذا الرجل أحب أن يتجمل بأن سيبويه سأله عن شيء فخبر عن نفسه بأنه فعل ما يبطل وقال أبو نصر هارون بن موسى: وهذا ضعيف في التأويل وكيف يصلح أن ينسب اللاحقي إلى نفسه ما يضع منه ولا يحل أو كيف يجوز هذا على سيبويه وهو المشهور في دينه وعلمه وعقله وأخذه عن الثقات الذين لا اختلاف في عملهم وصحة نقلهم.) وإنما أراد اللاحقي بقوله: فوضعت له هذا البيت: فرويته. والحذر: مبالغة حاذر من الحذر وهو التحرز. وجملة: لا تخاف بالبناء للمفعول صفة قوله أمورا.
وروى بدله: لا تضير بمعنى لا تضر يقال: ضاره يضيره وضره يضره بمعنى واحد كما يقال ذامه يذيمه وذمه يذمه بمعنى.
قال ابن السيد في شرح أبيات الجمل: معنى البيت يحتمل أمرين.
أحدهما: أنه يصف إنسانا بالجهل وقلة المعرفة وأنه يضع الأمور في غير موضعها فيأمن من لا ينبغي أن يؤمن ويحذر من لا ينبغي أن يحذر.
والوجه الثاني وهو الأشبه عندي: أن يكون أراد أن الإنسان جاهل بعواقب
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»