خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ١١٥
وفرط في قوله: الغر لأن السود أمدح من البيض لأجل الدهن وكثرة القرى فيهن.
وفرط في قوله: بالضحى وهو قادر على أن يقول في الدجى لأن كل شيء يلمع في الضحى.
وفرط في قوله: يقطرن وهو قادر على أن يقول: يجرين لأن القطر قطرة بعد قطرة. وقال قدامة: أراد بقوله الغر المشهورات.
وقال بالضحى لأنه لا يلمع فيه إلا عظيم ساطع الضوء والدجى يلمع فيه يسير النور. وأما أسياف وجفنات فإنه قد يوضع القليل موضع الكثير كما قال سبحانه: لهم جنات و درجات.
وقوله: يقطرن دما هو المعروف والمألوف فلو قال يجرين لخرج عن العادة. وينوب قطر عن وقال ابن أبي الإصبع في كتابه تحرير التحبير: في باب الإفراط في الصفة وهو الذي سماه قدامة المبالغة وسماه من بعده التبليغ: وحد قدامة المبالغة بأن قال: هي أن يذكر المتكلم حالا من الأحوال لو وقف عندها لأجزأت فلا يقف حتى يزيد في معنى ما ذكره ما يكون أبلغ في معنى قصده كقوله: الوافر * ونكرم جارنا ما دام فينا * ونتبعه الكرامة حيث مالا * وأنا أقول: قد اختلف في المبالغة فقوم يرون أجود الشعر أكذبه وخير الكلام ما بولغ فيه ويحتجون بما جرى بين النابغة الذبياني وبين حسان في استدراك النابغة عليه تلك المواضع في قوله: لنا الجفنات الغر........... البيت فإن النابغة إنما عاب على حسان ترك المبالغة. والقصة مشهورة وإن روي عن انقطاعه في يد النابغة. وقوم يرون المبالغة من عيوب الكلام. والقولان مردودان.)
(١١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 ... » »»