خزانة الأدب - البغدادي - ج ٨ - الصفحة ١١٢
فقال له النابغة: أنت شاعر ولكنك أقللت جفانك وأسيافك وفخرت بمن ولدت ولم تفخر بمن ولدك.
وحدثني علي بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني لنا الجفنات الغر فقال له: ما صنعت شيئا قللت أمركم فقلت: جفنات وأسياف.
وأخبرني الصولي قال: حدثني محمد بن سعيد ومحمد بن العباس الرياشي عن الرياشي عن الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: كان النابغة الذبياني تضرب له قبة بسوق عكاظ من أدم فتأتيه الشعراء فتعرض عليه أشعارها فأتاه الأعشى فكان أول من أنشده ثم أنشده حسان بن ثابت قصيدته التي منها: لنا الجفنات الغر وذكر البيتين فقال له النابغة: أنت شاعر ولكنك أقللت جفانك وأسيافك وفخرت بمن ولدت ولم تفتخر بمن ولدك.
قال الصولي: فانظر إلى هذا النقد الجليل الذي يدل عليه نقاء كلام النابغة وديباجة شعره: قال له: أقللت أسيافك لأنه قال: وأسيافنا وأسياف جمع لأدنى العدد والكثير سيوف. والجفنات لأدنى العدد والكثير جفان وقال: فخرت بمن ولدت لأنه قال: ولدنا بني العنقاء وابني محرق.
فترك الفخر بآبائه وفخر بمن ولد نساؤه.
قال: ويروى أن النابغة قال له: أقللت أسيافك ولمعت جفانك. يريد قوله: لنا الجفنات الغر والغرة: لمعة بياض في الجفنة. فكأن النابغة عاب هذه
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 ... » »»