وإنما استحسنوا ذلك لما بين التثنية والجمع من التقارب من حيث كانت التثنية عددا تركب من ضم واحد إلى واحد. وأول الجمع وهو الثلاثة تركب من ضم واحد إلى اثنين فلذلك قال: وقوله: ولكنهم أرادوا أن يفرقوا إلخ معناه أنهم أعطوا المفرد حقه من لفظ التثنية فقالوا في رجل رجلان وفي وجه وجهان ولم يفعل ذلك أهل اللغة العليا في قولهم: ما أحسن وجوه الرجلين وذلك أن الوجه المضاف إلى صاحبه إنما هو شيء من شيء.
فإذا ثنيت الثاني منهما علم السامع ضرورة أن الأول لا بد أن يكون وفقه في العدة فجمعوا الأول كراهة أن يأتوا بتثنيتين متلاصقتين في مضاف ومضاف إليه. والمتضايفان يجريان مجرى الاسم الواحد فلما كرهوا أن يقولوا: ما أحسن وجهي الرجلين فيكونوا كأنهم قد جمعوا في اسم واحد) بين تثنيتين غيروا لفظ التثنية الأولى بلفظ الجمع إذ العلم محيط بأنه لا يكون للاثنين أكثر من وجهين فلما أمنوا اللبس في وضع الوجوه موضع الوجهين استعملوا أسهل اللفظين. كذا في أمالي ابن الشجري.
وهذا علة البصريين.
وقال الفراء: إنما خص هذا النوع بالجمع لأن الشيء الواحد منه يقوم مقام الشيئين حملا على الأكثر فإذا ضم إلى ذلك شيء مثله كان كأنه أربعة فأتى بلفظ الجمع.
وهذا معنى حسن من معاني الفراء.
قال ابن يعيش: وهذا من أصول الكوفيين. ويؤيده أن ما في الجسد منه شيء واحد ففيه الدية وهذه عبارة الفراء نقلناها تبركا. قال في تفسيره عند قوله تعالى: والسارق