وإذا اعتبرته من حيث أن واضعه كان يعاييك أي: يظهر إعياءك. وهو التعب فيه سميته معاياة. وقد صنف الفقهاء في هذا الفن كتبا وسموها كتب المعاياة. ولغيرهم من أرباب العلوم مصنفات. وإذا اعتبرته من حيث أن واضعه لم يفصح به قلت: رمز والشيء مرموز والفعل رمز وقريب مئة الإشارة. وإذا اعتبرته من حيث استخراج كثرة معانيه في الشعر سميته أبيات المعاني وكتب المعاني. وهذا يخص الأدب والشعر. وإذا اعتبرته من حيث هو ذو وجوه سميته الموجه وسميت فعله التوجيه. وذلك مثل قول محمد بن حكينا وقد كان أمين الدولة أبو الحسن بن صاعد الطبيب قاطعه ثم استماله وكان ابن حكينا قد أضر بصره وافتقر فكتب إليه:
* وإذا شئت أن تصالح بشا * ر بن برد فاطرح عليه أباه * فنفذ إليه بردا واسترضاه فاصطلحا. وهذا أحسن ما سمعت في التوجيه. قوله: بشار بن برد أي: أعمى. فاطرح عليه أباه هذه لفظة بغدادية يقال: لمن يريد أن يصالح: اطرح عليه فلانا أي: احمله إليه ليشفع لك. ولم يتفق لأحد في التوجيه أحسن من هذا. وإذا اعتبرته من حيث أن قائله لم يصرح بغرضه سميته تعريضا وكناية. وأكثر أرباب الحياء من الناس مضطر إلى مثله. وإذا اعتبرته من حيث أن قائله يوهمك شيئا ويريد غيره سميته لحنا وسميت مسائله الملاحن. وقد صنف الناس في هذا الفن كتبا كالملاحن لابن دريد والمنقذ