خزانة الأدب - البغدادي - ج ٦ - الصفحة ٤١٦
وتعالى كان حيث لا تدركه عقول بني آدم ولا يبلغ كنهه الوصف ولا تدركه الفطن. ثم قال بعد كلام طويل: فصل في ذكر أسماء هذا الفن وعودها إلى معنى واحد. هذا الفن وأشباهه يسمى المعاياة والعويص واللغز والرمز والمحاجاة وأبيات المعاني والملاحن والمرموس والتأويل والكناية والتعريض والإشارة والتوجيه والمعمى والممثل. والمعنى في الجميع واحد وإنما اختلفت أسماؤه بحسب اختلاف وجوه اعتباراته فإنك إذا اعتبرته من حيث هو مغطى عنك سميته معمى مأخوذ من لفظ العمى وهو تغطية البصر عن إدراك المعقول. وكل شيء تغطي عنك فهو عمى عليك. وإذا اعتبرته من حيث أنه ستر عنك ورمس سميته مرموسا مأخوذ من الرمس وهو القبر كأنه قبر ودفن ليخفى مكانه عن ملتمسيه. قد صنف بعض الناس في هذا كتابا وسماه كتاب المرموس وأكثره ركيك عامي.
وإذا اعتبرته من حيث أن معناه يؤول إليك أي: يرجع أو يؤول إلى أصل سميته مؤولا وسميت فعلك تأويلا. وأكثر ما يختص هذا بالآيات والأخبار. والتفسير يختص باللفظ والتأويل بالمعنى.
وإذا اعتبرته من حيث صعوبة فهمه واعتياص استخراجه سميته عويصا. وهذا يختص بمشكل كل علم يقال منه مسألة عويصة وعلم عويص. وإذا اعتبرته من حيث أن غيرك حاجاك به) أي: استخرج مقدار حجاك وهو عقلك أو مقدار ريثك في استخراجه مشتقا من الحجو وهو الوقوف واللبث سميته محاجاة ومسائله أحاج وأحدها أحجية وأحجيا. وهذا أيضا لا يختص بفن واحد من العلوم وإن كان الحريري صاحب المقامات قد أفرد له بابا. وإذا اعتبرته من حيث أنه قد عمل له وجوه وأبواب مشتبهة سميته لغزا وسميت فعلك له إلغازا مأخوذ من لغز اليربوع.
(٤١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 411 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 ... » »»