خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٥
الهاجي لك ولي فما ترين فيه قالت: أو تطيعني فيه قال: نعم. قالت: أرى أن ترد عليه ماله وتعفو عنه وتحبوه وأفعل مثل ذلك فإنه لا يغسل هجاءه إلا مدحه فخرج فقال: إن أمي سعدى التي) كنت تهجوها قد أمرت فيك بكذا وكذا فقال: لا جرم والله لا مدحت حتى أموت أحدا غيرك. ففيه يقول: الوافر * إلى أوس بن حارثة بن لأم * ليقضي حاجتي فيمن قضاها * * فما وطئ الثرى مثل ابن سعدى * ولا لبس النعال ولا احتذاها * هذا ما أروده المبرد ولم يذكر كيف تمكن منه أوس.
وقد حكاه معمر بن المثنى في شرحه قال: إن بشر بن أبي خازم غزا طيئا ثم بني نبهان فجرح فأثقل جراحه وهو يومئذ بحمى أحد أصحابه وإنما كان في بني والبة فأسرته بنو نبهان فخبؤوه كراهية أن يبلغ أوسا فسمع أوس أنه عندهم فقال: والله لا يكون بيني وبينهم خير أبدا أو يدفعوه ثم أعطاهم مائتي بعير وأخذه منهم فجاء به وأوقد له نارا ليحرقه وقال بعض بني أسد: لم تكن نار ولكنه أدخله في جلد بعير حين سلخه ويقال جلد كبش ثم تركه حتى جف عليه فصار فيه كأنه العصفور فبلغ ذلك سعدى بنت حصين الطائية وهي سيدة فخرجت إليه فقالت: ما تريد أن تصنع فقال: أحرق هذا إلي شتمنا. فقالت: قبح الله قوما يسودونك أو يقبسون من رأيك والله لكأنما أخذت به أما تعلم منزلته في قومه خل سبيله وأكرمه فإنه لا يغسل عنك ما صنع غيره.
فحبسه عنده وداوى جرحه وكتمه ما يريد أن يصنع به وقال: ابعث إلى قومك يفدونك فإني قد اشتريتك بمائتي بعير. فأرسل بشر إلى قومه فهيؤوا له الفداء وبادرهم أوس فأحسن كسوته وحمله على نجيبه الذي كان يركبه وسار
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»