خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٣١٣
قلو أن لبيدا قال: إلى الحول ثم السلام عليكما كان مسلما لحينه وقد أراد إني لا ألفظ بالتسليم والوداع إلا بعد الحول ولذا ذكر الاسم الذي هو اللفظ ليكون بعد الحول ظرفا. انتهى كلام السهيلي.
والمراد من قوله: ثم اسم السلام عليكما الكناية عن الأمر بترك ما كان أمرهما به وهو سلام توديع. وأتى بثم لأنها للتراخي والمهلة. وقد تعسف قوم لإخراج الاسم عن الزيادة بجعل السلام اسم الله تعالى ثم اختلفوا فقال بعضهم: عليكما اسم فعل أي: الزما اسم الله واتركا ذكري.
وفيه أن تقديم اسم العفل لا يجوز إلا عند الكسائي على أن الرواية رفع اسم لا نصبه.
وقال جماعة منهم شارح اللب: إن المعنى ثم حفظ الله عليكما كما يقال للشيء المعجب: اسم الله عليك تعويذا له من السوء. ففي ذكر الاسم تفخيم وصيانة للمسمى عن الذكر.
وقال الشلوبين في حاشية المفصل: أجاب بعضهم بأن السلام هنا اسم من أسماء الله تعالى والسلام عبارة من التحية وهذا هو الذي أراد ولكنه شرفه بأن أضافه إلى الله تعالى لأنه أبلغ في التحية كأنه يقول: لو وجدت سلاما أشرف من هذا لحييتكم به ولكني لا أجده لأنه اسم السلام. هذا كلامه.
وقال بعض فضلاء العجم في شرح أبيات المفصل: قوله ثم اسم السلام عليكما أي: حفظ) الله عليكما والاسم مقحم وثم تستعمل في معنى الترك والإعراض. هذا كلامه ولا يخفى ما فيه من الخبط الظاهر.
وهذا البيت من أبيات للبيد بن ربيعة بن عامر الصحابي وقد تقدمت ترجمته في الشاهد الثاني والعشرين بعد المائة.
روي أنه لما حضرته الوفاة قال لا بنتيه:
* تمنى ابنتاي أن يعيش أبوهما * وها أنا إلا من ربيعة أو مضر * * فقوما وقولا بالذي تعلمانه * ولا تخمشا وجها ولا تحلقا شعر * * وقولا: هو المرء الذي لا صديقه * أضاع ولا خان الخليل ولا غدر *
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»