خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٩
وأنشد بعده وهو 3 (الشاهد الرابع بعد الثلاثمائة)) وهو من شواهد المفصل: الكامل * يا قر إن أباك حي خويلد * قد كنت خائفة على الإحماق * لما تقدم قبله. وذهب أبو علي في الإيضاح الشعري عند ذكره هذه الشواهد إلى أن لفظ حي زائد لا غير وتبعه الزمخشري في المفصل والبيضاوي في اللب وتعقبه شارحه الشيد عبد الله بأنه غير زائد من حيث المعنى فإنه يفيد نوعا من تحقير ما أضيف إليه حي كأنه يقول: هذا شخص ليس سوى أنه حي وشبح ما فيه سوى أنه حساس. انتهى.
ولا يخفى أن هذه النكتة قاصرة على هذا البيت لا تتمشى له في غيره. و قر بضم القاف: مرخم قرة. و حي خويلد: بدل أو عطف بيان من أباك. وجملة قد كنت خائفه خبر إن. و الإحماق: مصدر أحمق الرجل: إذا ولد له ولد أحمق وكذا أحمقت المرأة وأما حمق بدون ألف فهو من الحمق بالضم وهو فساد في العقل وهو من باب تعب ووصفه حمق بكسر الميم وأما أحمق ففعله حمق بالضم والأنثى حمقى. وعلى متعلقة بخائفه يقال: خفته والمعنى إنني كنت أرى من أبيك مخايل تدل على أنه يلد ولدا أحمق وقد تحقق بولادته إياك.
ومثل هذا أبلغ من أن يقول له: أنت أحمق لأن ذلك يشعر بتحقق ذلك فيه أي: كان معروفا من أبيك قبل أن يلدك. فهذا أبلغ من دعوى الحمق فيه الآن.
وإدراك مثل هذه المعاني لا يكاد يحصل بالتعبير وإنما هو أمر في الغالب يدرك بالقوة التي جعلها الله تعالى في أهل هذا اللسان. كذا فيأمالي ابن الحاجب.
(٣٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 304 305 306 307 308 309 310 311 312 313 314 ... » »»