خزانة الأدب - البغدادي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٦
فهرب ابن مفرغ من الشام إلى البصرة فأجاره المنذر بن الجارود وكانت بنت المنذر تحت عبيد الله وكان المنذر من أكرم الناس عليه فاغتر بذلك فبلغ عبيد الله أن المنذر قد أجاره فبعث عبيد الله إلى المنذر فلما دخل عليه بعث عبيد الله بالشرط فكبسوا داره وأتوه بابن مفرغ فلما رآه الجارود قام إلى عبيد اللع فقال له: أذكرك الله أيها الأمير لا تخفر جواري فإني قد أجرته فقال عبيد الله: يمدحك ويمدح آباءك وقد هجاني وهجا أبي ثم تجيره علي والله لا يكون ذلك أبدا فغضب المنذر وخرج.
وأقبل عبيد الله على ابن مفرغ فقال: بئسما صحبت به عبادا فقال: بئسما صحبني عباد اخترته على سعيد وأنفقت على صحبته جميع ما ملكته وظننت أنه لا يخلو من عقل زياد وحلم معاوية وسماحة قريش فعدل عن ظني كله ثم عاملني بكل قبيح. من حبس وغرم وضرب وشتم فكنت كمن شام برقا خلبا في سحاب جهام فأراق ماء طمعا فمات عطشا وما هربت من أخيك إلا لما خفت أن يجري في ما يندم عليه وها أنا بين يديك فاصنع في ما) شئت فأمر بحبسه وكتب إلأى معاوية أن يأذن له في قتله فكتب إليه: إياك وقتله ولكن تناوله بما ينكله ويشد سلطانك عليه ولا تبلغ نفسه فإن له عشيرة هم جندي وبطانتي ولا يرضون بقتله إلا بالقود منك فاحذر ذلك واعلم أن الجد مني ومنهم وأنك مرتهن بنفسه ولك في دون تلفها مندوحة تشفي من الغيظ.
فلما ورد الكتاب أمر بابن مفرغ فسقي نبيذا حلوا مخلوطا بالشبرم والتربد فأسهل بطنه وطيف به على بعير في أزقة البصرة وأسواقها وقرن بهرة وخنزير وجعل يسلح والصبيان يتبعونه ويصيحون عليه وألح ما يخرج منه حتى أضعفه فسقط فقيل لعبيد الله: إنا لا نأمن أن يموت.
فأمر به فغسل فلما غسل قال: الخفيف
(٣٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 311 ... » »»