فإذا وقع أن والفعل بمنزلة المفعول ثم أوقعت المصدر موقعه لم يك بد من إدخال الواو عليه كما تدخل على غيره من المفعولات.
ثم قال سيبويه: إلا أنهم زعموا أن ابن أبي إسحاق أجاز هذا البيت وهو قوله. فإياك إياك المراء.. الخ.
والشاهد فيه أنه أتى بالمراء وهو مفعول به بغير حرف عطف. وعند سيبويه أن نصب المراء بإضمار فعل لأنه لم يعطف على إياك. وسيبويه وابن أبي إسحاق ينصبه ويجعله كأن والفعل وينصبه بالفعل الذي نصب إياك يقدر فيه: اتق المراء كما يقدر فعلا آخر ينصب إياك. وقال المازني: لما كرر إياك مرتين كان أحدهما عوضا من الواو. وعند المبرد: المراء بتقدير أن تماري كما تقول: إياك أن تماري: أي مخافة أن تماري.
وهذا البيت نسبه أبو بكر محمد التاريخي في طبقات النحاة وكذلك ابن بري في حواشيه) على درة الغواص الحريرية وكذلك تلميذه ابن خلف في شرح شواهد سيبويه للفضل بن عبد الرحمن القرشي يقوله لابنه القاسم بن الفضل. قال ابن بري: وقبل هذا البيت:
* من ذا الذي يرجو الأباعد نفعه * إذا هو لم تصلح عليه الأقارب * و الأباعد: فاعل يرجو. يريد: كيف يرجو الأجانب نفع رجل أقاربه محرومون منه. و المراء: مصدر ماريته أماريه مماراة ومراء. أي: جادلته. ويقال ماريته أيضا: إذا طعنت في قوله تزييفا للقول وتصغيرا للقائل. ولا يكون المراء إلا اعتراضا بخلاف الجدال: فإنه يكون ابتداء واعتراضا. والجدال مصدر جادل: إذا خاصم بما يشغل عن ظهور الحق ووضوح الصواب. كذا في المصباح