فلما أخبرته ابنة عمه الصديقة الكبرى خديجة رضوان الله عليها بما رأت وأخبرت به في شأن النبي صلى الله عليه وسلم من المخايل: بإظلال الغمام ونحوها ترجى أن يكون هو المبشر به وقال في ذلك أشعارا يتشوق فيها غاية التشوق إلى إنجاز الأمر الموعود لينخلع من النصرانية إلى دينه لأنه كان قال لزيد بن عمرو بن نفيل لما قال لهم العلماء: إن أحب الدين إلى الله دين هذا المبشر به: أنا أستمر على نصرانيتي إلى أن يأتي هذا النبي فلما حقق الله الأمر وأوقع الإرهاصات: بالسلام من الأشجار والأحجار على النبي صلى الله عليه وسلم وبمناداة إسرافيل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم مع الاستتار منه وخاف النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك فاشتد خوفه فنقل ذلك إلى ورقة بن نوفل رضي الله عنه اشتد سروره بذلك وثبته وشد قلبه وشجعه. فلما بدا له الأمر بفراغ نوبة إسرافيل وأتاه جبريل عليه السلام وفعل ما أمره الله به: من شق صدره الشريف وغسل قلبه وإيداعه الحكمة والرحمة وما شاء الله وتبدى له جبريل وأنزل عليه بعض القرآن وأخبره به قف شعر ورقة) وسبح الله وقدسه وعظم سروره بذلك وشهد أنه أتاه الناموس الأكبر الذي كان يأتي الأنبياء قبله عليهم السلام وشهد أنه الذي أنزل عليه كلام الله وشهد أنه نبي هذه الأمة وتمنى أن يعيش إلى أن يجاهد معه. هذا مع ما له بالنبي عليه الصلاة والسلام وزوجه الصديقة خديجة ومن شعره:
* أتبكر أم أنت العشية رائح * وفي الصدر من إضمارك الحزن قادح * * لفرقة قوم لا أحب فراقهم * كأنك عنهم بعد يومين نازح * * وأخبار صدق خبرت عن محمد * يخبرها عنه إذا غاب ناصح * * فتاك الذي وجهت يا خير حرة * بغور وبالنجدين حيث الصحاصح * * إلى سوق بصرى في الركاب التي غدت * وهن من الأحمال قعص دوالح *